للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الثَّالِثُ: فَيُرَجَّحُ الْمُجْرَى عَلَى عُمُومِهِ عَلَى الْمَخْصُوصِ ; وَالْمُتَلَقَّى بِالْقَبُولِ عَلَى مَا دَخَلَهُ النَّكِيرُ، وَعَلَى قِيَاسِهِ مَا قَلَّ نَكِيرُهُ عَلَى مَا كَثُرَ، وَمَا عَضَدَهُ عُمُومُ كِتَابٍ، أَوْ سُنَّةٍ، أَوْ قِيَاسٍ شَرْعِيٍّ، أَوْ مَعْنًى عَقْلِيٍّ عَلَى غَيْرِهِ. فَإِنْ عَضَدَ أَحَدَهُمَا قُرْآنٌ، وَالْآخَرَ سُنَّةٌ، قُدِّمَ الْأَوَّلُ فِي رِوَايَةٍ، لِتَنَوُّعِ الدِّلَالَةِ، وَالثَّانِي فِي أُخْرَى، إِذِ السُّنَّةُ مُقَدَّمَةٌ بِطْرِيقِ الْبَيَانِ، وَمَا وَرَدَ ابْتِدَاءً عَلَى ذِي السَّبَبِ، لِاحْتِمَالِ اخْتِصَاصِهِ بِسَبَبِهِ. وَمَا عَمِلَ بِهِ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ عَلَى غَيْرِهِ فِي رِوَايَةٍ، لِوُرُودِ الْأَمْرِ بِاتِّبَاعِهِمْ، وَمَا لَمْ يُنْقَلْ عَنْ رَاوِيهِ خِلَافُهُ عَلَى غَيْرِهِ.

وَلَا يُرَجَّحُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، كَقَوْلِ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ، وَلَا بِقَوْلِ أَهْلِ الْكُوفَةِ، كَقَوْلِ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ، إِذْ لَا تَأْثِيرَ لِلْأَمَاكِنِ فِي زِيَادَةِ الظُّنُونِ.

وَمَا عَضَدَهُ مِنِ احْتِمَالَاتِ الْخَبَرِ بِتَفْسِيرِ الرَّاوِي، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ وُجُوهِ التَّرْجِيحَاتِ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الِاحْتِمَالَاتِ.

ــ

قَوْلُهُ: «وَأَمَّا الثَّالِثُ» . يَعْنِي التَّرْجِيحَ مِنْ جِهَةِ الْقَرِينَةِ، «فَيُرَجَّحُ الْمُجْرَى عَلَى عُمُومِهِ عَلَى الْمَخْصُوصِ» .

أَيْ: إِذَا تَعَارَضَ عَامَّانِ أَحَدُهُمَا بَاقٍ عَلَى عُمُومِهِ، وَالْآخَرُ قَدْ خُصَّ بِصُورَةٍ فَأَكْثَرَ ; رُجِّحَ الْبَاقِي عَلَى عُمُومِهِ عَلَى الْمَخْصُوصِ، لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي بَقَائِهِ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا، وَحُجَّةً، أَوْ غَيْرَ حُجَّةٍ، وَالْبَاقِي عَلَى عُمُومِهِ لَا خِلَافَ فِي بَقَائِهِ حَقِيقَةً وَحُجَّةً، فَكَانَ رَاجِحًا.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ يُقَدَّمُ مَا كَانَ أَقَلَّ تَخْصِيصًا عَلَى الْأَكْثَرِ تَخْصِيصًا، مِثْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>