الرَّابِعَةُ: فِي الْقُرْآنِ الْمُعَرَّبُ، وَهُوَ مَا أَصْلُهُ أَعْجَمِيٌّ، ثُمَّ عُرِّبَ، خِلَافًا لِلْقَاضِي وَالْأَكْثَرِينَ. لَنَا: قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ: {نَاشِئَةَ اللَّيْلِ} حَبَشِيَّةٌ، وَمِشْكَاةٌ هِنْدِيَّةٌ، وَ {إِسْتَبْرَقٍ} وَسِجِّيلٍ فَارِسِيَّةٌ.
قَالُوا: تَحَدِّي الْعَرَبِ بِغَيْرِ لِسَانِهِمْ مُمْتَنِعٌ، ثُمَّ ذَلِكَ يَنْفِي كَوْنَ الْقُرْآنِ عَرَبِيًّا مَحْضًا، وَالنَّصُّ أَثْبَتَهُ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} ظَاهِرٌ فِي إِنْكَارِهِ بِتَقْدِيرِهِ، وَلَا حُجَّةَ فِي مَنْعِ صَرْفِ إِسْحَاقَ وَنَحْوِهِ ; لِأَنَّهُ عَلَمٌ، وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِهِ، وَالْأَلْفَاظُ الْمَذْكُورَةُ مِمَّا اتَّفَقَ فِيهِ اللُّغَتَانِ، كَالصَّابُونِ، وَالتَّنُّورِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَلْفَاظَ الْيَسِيرَةَ الدَّخِيلَةَ لَا تَنْفِي تَمَحُّضَ اللُّغَةِ عُرْفًا، كَأَشْعَارِ كَثِيرٍ مِنَ الْعَرَبِ، مَعَ تَضَمُّنِهَا أَلْفَاظًا أَعْجَمِيَّةً، وَتَحَدِّيهِمْ كَانَ بِلُغَتِهِمْ فَقَطْ. أَوْ: لَمَّا عُرِّبَتْ صَارَ لَهَا حُكْمُ الْعَرَبِيَّةِ، وَ {أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} مُتَأَوَّلٌ عَلَى خِلَافِ مَا ذَكَرْتُمْ، وَاتِّفَاقُ اللُّغَتَيْنِ بِعِيدٌ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ.
ــ
الْمَسْأَلَةُ " الرَّابِعَةُ: فِي الْقُرْآنِ الْمُعَرَّبِ "، أَيْ: الْقُرْآنُ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْكَلَامِ الْمُعَرَّبِ - بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا - " وَهُوَ مَا أَصْلُهُ أَعْجَمِيٌّ، ثُمَّ عُرِّبَ " أَيْ: اسْتَعْمَلَتْهُ الْعَرَبُ نَحْوَ اسْتِعْمَالِهَا لِكَلَامِهَا ; فَقِيلَ لَهُ: مُعَرَّبٌ، تَوَسُّطًا بَيْنَ الْعَجَمِيِّ وَالْعَرَبِيِّ، خِلَافًا لِلْقَاضِي أَبِي يَعْلَى، وَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ، وَالْأَكْثَرِينَ.
" لَنَا "، أَيْ: عَلَى وُقُوعِ الْمُعَرَّبِ فِي الْقُرْآنِ - " قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ: {نَاشِئَةَ اللَّيْلِ} "، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا} [الْمُزَّمِّلِ: ٦] حَبَشِيَّةٌ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute