. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كَالنُّجُومِ بِأَيِّهُمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ، وَأَيْضًا فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ سَائِرَ الصَّحَابَةِ خَالَفُوا الشَّيْخَيْنِ فِي حُكْمٍ ; فَالْأَخْذُ بِالْقَوْلَيْنِ وَإِلْغَاؤُهُمَا بَاطِلٌ، وَتَقْدِيمُ قَوْلِهِمَا مَعَ خِلَافِ الْأَكْثَرِ لَهُمَا بَعِيدٌ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اتَّبِعُوا السَّوَادَ الْأَعْظَمَ وَيَدُ اللَّهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَنَحْوِهِ، فَبَانَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ ضَعْفُ الْقَوْلِ بِأَنَّ اتِّفَاقَ الْأَرْبَعَةِ أَوِ الشَّيْخَيْنِ إِجْمَاعٌ، وَأَنَّ حَمْلَ مَا نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ; عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ حُجَّةٌ ظَنِّيَّةٌ لَا قَاطِعَةٌ مُتَعَيِّنٌ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: «وَإِجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، خِلَافًا لِمَالِكٍ» وَحْدَهُ، فَإِنَّ إِجْمَاعَهُمْ عِنْدَهُ حُجَّةٌ فِيمَا طَرِيقُهُ التَّوْقِيفُ، وَمِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ قَالَ: هُوَ حُجَّةٌ مُطْلَقًا فِي نَقْلٍ نَقَلُوهُ، أَوْ فِي عَمَلٍ عَمِلُوهُ.
«لَنَا:» أَيْ: عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ أَنَّ الْعِصْمَةَ لِمَجْمُوعِ الْأُمَّةِ، وَهُمْ بَعْضُهَا لَا جَمِيعُهَا، فَلَا تَثْبُتُ الْعِصْمَةُ لِقَوْلِهِمْ، فَلَا يَكُونُ إِجْمَاعًا، بَلْ يَكُونُ حُجَّةً ظَنِّيَّةً يُعْمَلُ بِهِ إِذَا خَلَا عَنْ مُعَارِضٍ رَاجِحٍ.
قَوْلُهُ: «وَلَا لِلْمَكَانِ» إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمَدِينَةَ وَرَدَ فِي فَضْلِهَا نُصُوصٌ كَثِيرَةٌ، فَرُبَّمَا ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اتِّفَاقَ أَهْلِهَا إِجْمَاعٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَأَجَابَ بِأَنَّ الْعِصْمَةَ لَيْسَتْ لِلْمَكَانِ، وَإِلَّا لَكَانَتْ مَكَّةُ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنَ الْمَدِينَةِ أَوْ مُسَاوِيَةً لَهَا فِيهِ، لِأَنَّهَا أَفْضَلُ مِنَ الْمَدِينَةِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، وَإِنَّمَا الْعِصْمَةُ لِلْأُمَّةِ جَمِيعِهَا.
قَوْلُهُ: «قَالَ:» يَعْنِي مَالِكًا: احْتَجَّ بِأَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ جَمٌّ غَفِيرٌ، شَاهَدُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute