للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

التَّنْزِيلَ، وَعَلِمُوا التَّأْوِيلَ، وَتَنَاقَلَ ذَلِكَ الْأَبْنَاءُ عَنِ الْآبَاءِ، وَالْخَلَفُ عَنِ السَّلَفِ، وَ «اتِّفَاقُ الْجَمِّ الْغَفِيرِ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ عَلَى الْخَطَأِ» مُمْتَنِعٌ فِي الْعَادَةِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُمْ صَوَابًا فِي الْعَادَةِ، فَيَجِبُ اتِّبَاعُهُ.

قَوْلُهُ: «قُلْنَا: بَاقِي الْأُمَّةِ أَكْثَرُ، فَالتَّمَسُّكُ بِهَذَا فِي حَقِّهِمْ أَوْلَى» . أَيْ: إِنْ دَلَّتْ كَثْرَةُ مُجْتَهِدِي الْمَدِينَةِ عَلَى صَوَابِ مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ، فَبَقِيَّةُ الْأُمَّةِ أَكْثَرُ مِنْهُمْ، فَلْتَكُنْ أَكْثَرِيَّتُهُمْ أَدَلَّ عَلَى صَوَابِ قَوْلِهِمْ مِنْ كَثْرَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى صَوَابِ قَوْلِهِمْ.

وَيَتَقَرَّرُ هَذَا الْجَوَابُ بِطَرِيقٍ آخَرَ، مُنَبَّهٍ عَلَيْهِ بِمَا ذَكَرْتُهُ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: لَوْ قُدِّرَ أَنَّ بَاقِيَ الْأُمَّةِ خَالَفُوا أَهْلَ الْمَدِينَةِ فِي حُكْمٍ، فَإِمَّا أَنْ يُؤْخَذَ بِقَوْلِ الْفَرِيقَيْنِ، أَوْ يُتْرَكَ قَوْلُهُمَا، وَهُمَا بَاطِلَانِ، لِمَا سَبَقَ فِي اعْتِبَارِ قَوْلِ الْعَامِّيِّ، أَوْ يُقَدَّمَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَعَ أَنَّ بَاقِيَ الْأُمَّةِ أَكْثَرُ مِنْهُمْ، وَهُوَ بَعِيدٌ، مُخَالِفٌ لِلْأَمْرِ بِاتِّبَاعِ السَّوَادِ الْأَكْثَرِ.

وَقَوْلُهُ: «يَمْتَنِعُ اتِّفَاقُ الْجَمِّ الْغَفِيرِ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ عَلَى الْخَطَأِ عَادَةً» .

قُلْنَا: بَقِيَّةُ مُجْتَهِدِي الْأُمَّةِ جَمٌّ غَفِيرٌ، فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِمُ الْخَطَأُ عَادَةً، ثُمَّ هُوَ مُعَارَضٌ بِأَهْلِ الْكُوفَةِ، فَإِنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَابْنَ مَسْعُودٍ، وَجَمَاعَةً مِنْ أَعْيَانِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، كَانُوا بِهَا، كَمَا رَوَى أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ الْقَاضِي الْمَرْوَزِيُّ فِي كِتَابِ «الْعِلْمِ» بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>