للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَوْلُ فِي تَرْتِيبِ الْأَدِلَّةِ وَالتَّرْجِيحِ

التَّرْتِيبُ: جَعْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ شَيْئَيْنِ فَصَاعِدًا فِي رُتْبَتِهِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا بِوَجْهٍ مَا، فَالْإِجْمَاعُ مُقَدَّمٌ عَلَى بَاقِي أَدِلَّةِ الشَّرْعِ، لِقَطْعِيَّتِهِ وَعِصْمَتِهِ وَأَمْنِهِ مِنْ نَسْخٍ، أَوْ تَأْوِيلٍ، ثُمَّ الْكِتَابُ، وَيُسَاوِيهِ مُتَوَاتِرُ السُّنَّةِ لِقَطْعِيَّتِهِمَا، ثُمَّ خَبَرُ الْوَاحِدِ، ثُمَّ الْقِيَاسُ، وَالتَّصَرُّفُ فِي الْأَدِلَّةِ مِنْ حَيْثُ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ، وَالْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ، وَنَحْوُهُ سَبَقَ.

وَالتَّرْجِيحُ: تَقْدِيمُ أَحَدِ طَرِيقَيِ الْحُكْمِ لِاخْتِصَاصِهِ بِقُوَّةٍ فِي الدِّلَالَةِ، وَرُجْحَانُ الدَّلِيلِ عِبَارَةٌ عَنْ كَوْنِ الظَّنِّ الْمُسْتَفَادِ مِنْهُ أَقْوَى، وَالرُّجْحَانُ حَقِيقَةٌ فِي الْأَعْيَانِ الْجَوْهَرِيَّةِ، وَهُوَ فِي الْمَعَانِي مُسْتَعَارٌ.

ــ

" الْقَوْلُ فِي تَرْتِيبِ الْأَدِلَّةِ وَالتَّرْجِيحِ "

اعْلَمْ أَنَّ هَذَا مِنْ مَوْضُوعِ نَظَرِ الْمُجْتَهِدِ وَضَرُورَاتِهِ، لِأَنَّ الْأَدِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ مُتَفَاوِتَةٌ فِي مَرَاتِبِ الْقُوَّةِ، فَيَحْتَاجُ الْمُجْتَهِدُ إِلَى مَعْرِفَةِ مَا يُقَدَّمُ مِنْهَا وَمَا يُؤَخَّرُ، لِئَلَّا يَأْخُذَ بِالْأَضْعَفِ مِنْهَا مَعَ وُجُودِ الْأَقْوَى، فَيَكُونَ كَالْمُتَيَمِّمِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ.

وَقَدْ يَعْرِضُ لِلْأَدِلَّةِ التَّعَارُضُ وَالتَّكَافُؤُ، فَتَصِيرُ بِذَلِكَ كَالْمَعْدُومَةِ، فَيَحْتَاجُ إِلَى إِظْهَارِ بَعْضِهَا بِالتَّرْجِيحِ لِيَعْمَلَ بِهِ، وَإِلَّا تَعَطَّلَتِ الْأَدِلَّةُ وَالْأَحْكَامُ.

فَهَذَا الْبَابُ مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ تَوَقُّفَ الشَّيْءِ عَلَى جُزْئِهِ، أَوْ شَرْطِهِ.

قَوْلُهُ: " التَّرْتِيبُ: جَعْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ شَيْئَيْنِ فَصَاعِدًا فِي رُتْبَتِهِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا بِوَجْهٍ مَا "، أَيْ: بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>