للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أَحَدُهَا: «مَا عُرِّفَ بِاللَّامِ غَيْرِ الْعَهْدِيَّةِ» ، أَيِ: الَّتِي لَيْسَتْ لِلْعَهْدِ، وَهُوَ يَعْنِي هَذَا الْقِسْمَ - مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ إِمَّا لَفْظٌ وَاحِدٌ، نَحْوَ: السَّارِقِ وَالسَّارِقَةِ، أَوْ جَمْعٌ، ثُمَّ الْجَمْعُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ لَفْظِهِ، كَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَالَّذِينَ جَمْعِ الَّذِي، نَحْوَ: {الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} ، أَوْ لَا يَكُونُ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ لَفْظِهِ، كَالنَّاسِ وَالْحَيَوَانِ وَالْمَاءِ وَالتُّرَابِ، إِذْ لَا يُقَالُ فِيهِ: نَاسَةٌ، وَلَا حَيَوَانَةٌ، وَلَا مَاءَةٌ، وَلَا تُرَابَةٌ ; لِأَنَّ هَذِهِ أَلْفَاظٌ وُضِعَتْ لِتَدُلَّ عَلَى جِنْسِ مَدْلُولِهَا لَا عَلَى آحَادِهِ مُنْفَرِدَةً.

وَقَوْلُنَا: «مَا عُرِّفَ بِاللَّامِ غَيْرِ الْعَهْدِيَّةِ» احْتِرَازٌ مِمَّا عُرِّفَ بِلَامِ الْعَهْدِ ; فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ عَامًّا لِدَلَالَتِهِ عَلَى ذَاتٍ مُعَيَّنَةٍ، نَحْوَ: لَقِيتُ رَجُلًا ; فَقُلْتُ لِلرَّجُلِ، وَرُبَّمَا جَاءَ ذِكْرُهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَحَاصِلُ هَذَا الْقِسْمِ مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ أَنَّهُ إِمَّا وَاحِدٌ أَوْ جَمْعٌ، وَالْجَمْعُ إِمَّا لَهُ وَاحِدٌ مِنْ لَفْظِهِ، أَوْ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ: النِّسَاءُ، وَالْخَيْلُ، وَالنَّعَمُ، وَاحِدُهَا: امْرَأَةٌ، أَوْ نَاقَةٌ، أَوْ جَمَلٌ، أَوْ فَرَسٌ.

وَمِنْ أَمْثِلَةِ هَذَا الْقِسْمِ مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [الْعَصْرِ: ٢] ، إِذِ اللَّامُ فِيهِ جِنْسِيَّةٌ لَا عَهْدِيَّةٌ، بِدَلِيلِ صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْهُ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} الْآيَةَ [الْعَصْرِ: ٣] .

الْقِسْمُ «الثَّانِي: مَا أُضِيفَ مِنْ ذَلِكَ» ، أَيْ: مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ الْمَذْكُورَةِ، إِلَى مَعْرِفَةٍ، كَعَبِيدِ زَيْدٍ، وَمَالِ عَمْرٍو ; فَالْأَوَّلُ لَفْظُ جَمْعٍ، وَالثَّانِي اسْمُ جِنْسٍ، أُضِيفَا إِلَى مَعْرِفَةٍ ; فَتَقْتَضِي عُمُومَ الْعَبِيدِ وَالْمَالِ، حَتَّى لَوْ قَالَ: رَأَيْتُ عَبِيدَ زَيْدٍ، وَشَاهَدْتُ مَالَ عَمْرٍو، اقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ الرُّؤْيَةَ وَالْمُشَاهَدَةَ كَانَتْ لِجَمِيعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>