للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَرْكَانُ الْقِيَاسِ مَا سَبَقَ.

فَشَرْطُ الْأَصْلِ ثُبُوتُهُ بِنَصٍّ، وَإِنِ اخْتَلَفَا فِيهِ ; أَوِ اتِّفَاقٌ مِنْهُمَا وَلَوْ ثَبَتَ بِقِيَاسٍ، إِذْ مَا لَيْسَ مَنْصُوصًا وَلَا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ التَّمَسُّكُ بِهِ لِعَدَمِ أَوْلَوِيَّتِهِ، وَلَا يَصِحُّ إِثْبَاتُهُ بِالْقِيَاسِ عَلَى أَصْلٍ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَحَلِّ النِّزَاعِ جَامِعٌ، فَقِيَاسُهُ عَلَيْهِ أَوْلَى، إِذْ تَوْسِيطُ الْأَصْلِ الْأَوَّلِ تَطْوِيلٌ بِلَا فَائِدَةٍ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الْقِيَاسُ لِانْتِفَاءِ الْجَامِعِ بَيْنَ مَحَلِّ النِّزَاعِ وَأَصْلِ أَصْلِهِ.

وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ بَيْنَ الْأُمَّةِ، وَإِلَّا لَعَلَّلَ الْخَصْمُ بِعِلَّةٍ تَتَعَدَّى إِلَى الْفَرْعِ، فَإِنْ سَاعَدَهُ الْمُسْتَدِلُّ فَلَا قِيَاسَ، وَإِلَّا مُنِعَ فِي الْأَصْلِ فَلَا قِيَاسَ، وَيُسَمَّى: الْقِيَاسُ الْمُرَكَّبُ، نَحْوُ: الْعَبْدُ مَنْقُوصٌ بِالرِّقِّ فَلَا يُقْتَلُ بِهِ الْحُرُّ كَالْمُكَاتَبِ، فَيَقُولُ الْخَصْمُ: الْعَبْدُ يُعْلَمُ مُسْتَحِقُّ دَمِهِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ، إِذْ لَا يُعْلَمُ مُسْتَحِقُّ دَمِهِ: الْوَارِثُ أَوِ السَّيِّدُ، وَرُدَّ: بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُقَلِّدٌ لِإِمَامِهِ، فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُ مَا ثَبَتَ مَذْهَبًا لَهُ، إِذْ لَا يَتَعَيَّنُ مَأْخَذُ حُكْمِهِ، وَلَوْ عَرَفَ فَلَا يَلْزَمُ مَنْ عَجْزِهِ عَنْ تَقْرِيرِهِ فَسَادُهُ، إِذْ إِمَامُهُ أَكْمَلُ مِنْهُ، وَقَدِ اعْتَقَدَ صِحَّتَهُ، وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى تَعْطِيلِ الْأَحْكَامِ لِنُدْرَةِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ.

ــ

قَوْلُهُ: «أَرْكَانُ الْقِيَاسِ مَا سَبَقَ» .

لِمَا ثَبَتَ بِالدَّلِيلِ صِحَّةُ الْقِيَاسِ وَكَوْنُهُ دَلِيلًا شَرْعِيًّا ; وَجَبَ الْقَوْلُ فِي أَرْكَانِهِ، وَشُرُوطِهِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، فَأَرْكَانُهُ مَا سَبَقَ فِي أَوَّلِهِ، وَهِيَ الْأَصْلُ، وَالْفَرْعُ، وَالْعِلَّةُ، وَالْحُكْمُ. وَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَى بَيَانِ حَقَائِقِهَا وَمَاهِيَّاتِهَا، وَالْكَلَامُ هَاهُنَا فِي بَيَانِ شَرَائِطِهَا وَمُصَحِّحَاتِهَا.

«فَشَرْطُ الْأَصْلِ» - يَعْنِي الْحُكْمَ فِي مَحَلِّ النَّصِّ - أُمُورٌ:

<<  <  ج: ص:  >  >>