للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَمَدْرَكٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ ; لِأَنَّهُ اسْمُ مَكَانِ الْإِدْرَاكِ ; لِأَنَّهُ لَا سَمَاعَ لَنَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا مِنْ جِبْرِيلَ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} [الشُّورَى: ٥١] ، فَلَمْ يَبْقَ لَنَا مَدْرَكٌ لِهَذِهِ الْأُصُولِ إِلَّا الرَّسُولُ عَلَيْهِ السَّلَامُ. فَالْكِتَابُ نَسْمَعُ مِنْهُ تَبْلِيغًا، وَالسُّنَّةُ تَصْدُرُ عَنْهُ تَبْيِينًا وَالْإِجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ مُسْتَنِدَانِ فِي إِثْبَاتِهِمَا إِلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِمَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَالِاسْتِدْلَالُ الْمَذْكُورُ آنِفًا دَاخِلٌ فِي حَدِّ الدَّلِيلِ، وَقَدِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ اسْتِعْمَالِهِ فِي اسْتِخْرَاجِ الْأَحْكَامِ، وَقَدْ بَيَّنَّا آنِفًا أَنَّ مَرْجِعَ هَذِهِ الْأُصُولِ كُلِّهَا إِلَى الْكِتَابِ ; لِأَنَّهَا تَوَابِعُ لَهُ، أَوْ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْهُ.

قَوْلُهُ: «وَاخْتُلِفَ فِي أُصُولٍ يَأْتِي ذِكْرُهَا» إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، يَعْنِي أَنَّ الْأُصُولَ ضَرْبَانِ: مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْجُمْهُورِ، وَهِيَ الْخَمْسَةُ الْمَذْكُورَةُ: الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ، وَالْإِجْمَاعُ، وَالْقِيَاسُ، وَالِاسْتِدْلَالُ. وَمُخْتَلِفٌ فِيهِ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ: شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا، وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ الَّذِي لَا مُخَالِفَ لَهُ، وَالِاسْتِحْسَانُ، وَالِاسْتِصْلَاحُ، وَهِيَ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فِي «الْمُخْتَصَرِ» ، وَبَعْدَهَا الْقِيَاسُ، وَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّمَ عَلَيْهَا، لِيَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْأُصُولِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا وَالْمُخْتَلِفِ فِيهَا مُتَوَالِيًا، لَا يَتَخَلَّلُهُ غَيْرُهُ، لَكِنْ قَدْ أَبَنْتُ عُذْرِي فِي ذَلِكَ أَوَّلَ الشَّرْحِ، وَهُوَ أَنِّي اخْتَصَرْتُ وَلَمْ أَسْتَقْصِ أَحْوَالَ التَّرْتِيبِ.

قَوْلُهُ: «وَكِتَابُ اللَّهِ كَلَامُهُ الْمُنَزَّلُ لِلْإِعْجَازِ بِسُورَةٍ مِنْهُ» . لَمَّا بَيَّنَ كَمِّيَّةَ الْأُصُولِ، أَخَذَ فِي الْكَلَامِ عَلَيْهَا أَوَّلَ أَوَّلَ، وَأَوَّلُهَا الْكِتَابُ ; فَبَدَأَ بِذِكْرِ حَدِّهِ الْكَاشِفِ عَنْ حَقِيقَتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>