للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَالْقَوْلُ الْوَجِيزُ الْجَامِعُ فِي الْعَدَالَةِ، أَنَّهَا اعْتِدَالُ الْمُكَلَّفِ فِي سِيرَتِهِ شَرْعًا بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ مِنْهُ مَا يُشْعِرُ بِالْجَرَاءَةِ عَلَى الْكَذِبِ، وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِأَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ وَاجْتِنَابِ الْمَحْظُورَاتِ وَلَوَاحِقِهَا.

وَتُعْرَفُ عَدَالَةُ الشَّخْصِ بِأُمُورٍ:

أَحَدُهَا: الْمُعَامَلَةُ وَالْمُخَالَطَةُ الْمُطْلَقَةُ فِي الْعَادَةِ عَلَى خَبَايَا النُّفُوسِ وَدَسَائِسِهَا.

الثَّانِي: التَّزْكِيَةُ، وَهُوَ ثَنَاءُ مَنْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ عَلَيْهِ، وَشَهَادَتُهُ لَهُ بِالْعَدَالَةِ.

الثَّالِثُ: السُّمْعَةُ الْجَمِيلَةُ الْمُتَوَاتِرَةُ أَوِ الْمُسْتَفِيضَةُ، وَبِمِثْلِهَا عُرِفَتْ عَدَالَةُ كَثِيرٍ مِنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ.

قَوْلُهُ: « (ج) » أَيِ: الشَّرْطُ الثَّالِثُ مِنْ شُرُوطِ الرَّاوِي: «التَّكْلِيفُ» ، بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا، «إِذْ لَا وَازِعَ» ، أَيْ: لَا مَانِعَ «لِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ» عَنِ الْكَذِبِ، لِعَدَمِ تَعَقُّلِهِمَا الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ، «وَلَا عِبَادَةَ لَهُمَا شَرْعًا» ، أَيْ: لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى عِبَادَتِهِمَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، كَعَقْدِ بَيْعٍ، أَوْ نِكَاحٍ، أَوْ فَسْخِ عَقْدٍ، أَوْ طَلَاقٍ، «فَإِنْ سَمِعَ» الرَّاوِي «صَغِيرًا» ، أَيْ: حَالَ صِغَرِهِ، «وَرَوَى بَالِغًا» : أَيْ: بَعْدَ بُلُوغِهِ، «قُبِلَ» قَوْلُهُ، وَرِوَايَتُهُ «كَالشَّهَادَةِ، وَصِبْيَانِ الصَّحَابَةِ» .

أَمَّا الشَّهَادَةُ؛ فَلِأَنَّ مَنْ شَهِدَ صَغِيرًا، وَأَدَّى كَبِيرًا، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ عِنْدَ الْبُلُوغِ يَحْصُلُ لَهُ الْوَازِعُ عَنِ الْكَذِبِ؛ فَلَا يَرْوِي وَيُؤَدِّي إِلَّا مَا سَمِعَ وَشَاهَدَ.

وَأَمَّا صِبْيَانُ الصَّحَابَةِ؛ فَلِأَنَّهُمْ سَمِعُوا صِبْيَانًا، وَرَوَوْا بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَقُبِلَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>