الثَّالِثَةُ: قِيلَ: مَا حَصَّلَ الْعِلْمَ فِي وَاقِعَةٍ، أَوْ لِشَخْصٍ، أَفَادَهُ فِي غَيْرِهَا، وَلِغَيْرِهِ مِمَّنْ شَارَكَهُ فِي السَّمَاعِ، مِنْ غَيْرِ اخْتِلَافٍ. وَهُوَ صَحِيحٌ إِنْ تَجَرَّدَ الْخَبَرُ عَنِ الْقَرَائِنِ، أَمَّا مَعَ اقْتِرَانِهَا بِهِ ; فَيَجُوزُ الِاخْتِلَافُ، إِذْ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَسْمَعَ اثْنَانِ خَبَرًا، يَحْصُلُ لِأَحَدِهِمَا الْعِلْمُ بِهِ، لِقَرَائِنَ احْتَفَّتْ بِالْخَبَرِ، اخْتُصَّ بِهَا دُونَ الْآخَرِ، وَإِنْكَارُهُ مُكَابَرَةٌ.
وَيَجُوزُ حُصُولُ الْعِلْمِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ مَعَ الْقَرَائِنِ، لِقِيَامِهَا مَقَامَ الْمُخْبِرِينَ فِي إِفَادَةِ الظَّنِّ وَتَزَايُدِهِ حَتَّى يَجْزِمَ بِهِ، كَمَنْ أَخْبَرَهُ وَاحِدٌ بِمَوْتِ مَرِيضٍ مُشْفٍ، ثُمَّ مَرَّ بِبَابِهِ ; فَرَأَى تَابُوتًا بِبَابِ دَارِهِ، وَصُرَاخًا، وَعَوِيلًا، وَانْتِهَاكَ حَرِيمٍ، وَلَوْلَا إِخْبَارُ الْمُخْبِرِ، لَجَوَّزَ مَوْتَ آخَرَ.
ــ
الْمَسْأَلَةُ «الثَّالِثَةُ: قِيلَ: مَا حَصَّلَ الْعِلْمَ فِي وَاقِعَةٍ، أَوْ لِشَخْصٍ، أَفَادَهُ فِي غَيْرِهَا، وَلِغَيْرِهِ مِمَّنْ شَارَكَهُ فِي السَّمَاعِ» . هَذَا قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ ; فِيمَا ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ. أَمَّا الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فَقَالَ: ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى هَذَا ; فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَحَدَ هَذَيْنِ، أَوْ هُمَا، أَوْ غَيْرَهُمَا.
وَمَعْنَى الْكَلَامِ: أَنَّ مَا أَفَادَ الْعِلْمَ مِنَ الْأَخْبَارِ فِي وَاقِعَةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَجَبَ أَنْ يُفِيدَهُ فِي كُلِّ وَاقِعَةٍ غَيْرِهَا، وَمَا أَفَادَ الْعِلْمَ شَخْصًا مِنَ النَّاسِ، وَجَبَ أَنْ يُفِيدَهُ لِكُلِّ شَخْصٍ غَيْرِهِ إِذَا شَارَكَهُ فِي سَمَاعِ ذَلِكَ الْخَبَرِ، «مِنْ غَيْرِ اخْتِلَافٍ» ، أَيْ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَخْتَلِفَ الْخَبَرُ ; فَيُفِيدُ الْعِلْمَ فِي وَاقِعَةٍ دُونَ أُخْرَى، وَلَا لِشَخْصٍ دُونَ آخَرَ.
قَوْلُهُ: «وَهُوَ صَحِيحٌ إِنْ تَجَرَّدَ الْخَبَرُ عَنِ الْقَرَائِنِ» ، أَيْ: هَذَا الْقَوْلُ ; إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَعَ تَجَرُّدِ الْخَبَرِ عَنِ الْقَرَائِنِ، أَوْ لَا مَعَ تَجَرُّدِهِ، فَإِنْ كَانَ مَعَ تَجَرُّدِهِ عَنِ الْقَرَائِنِ ; فَهُوَ صَحِيحٌ ; لِأَنَّ حُكْمَ الْمِثْلَيْنِ وَاحِدٌ. فَإِذَا أَخْبَرَ مِائَةُ نَفْسٍ زَيْدًا بِمَوْتِ عَمْرٍو، وَحَصَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute