الرَّابِعَةُ: التَّابِعِيُّ الْمُجْتَهِدُ الْمُعَاصِرُ مُعْتَبَرٌ مَعَ الصَّحَابَةِ فِي أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، فَإِنْ نَشَأَ بَعْدَ إِجْمَاعِهِمْ فَعَلَى انْقِرَاضِ الْعَصْرِ، خِلَافًا لِلْقَاضِي وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ.
لَنَا: مُجْتَهِدٌ مِنَ الْأُمَّةِ فَلَا يَنْهَضُ السَّمْعِيُّ بِدُونِهِ، وَلِأَنَّهُمْ سَوَّغُوا اجْتِهَادَهُمْ وَفَتْوَاهُمْ، وَقَالَ عُمَرُ لِشُرَيْحٍ: اجْتَهِدْ رَأْيَكَ، وَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ فِي مَسْأَلَةٍ اجْتَهَدَ فِيهَا: قَالُونُ، أَيْ: جَيِّدٌ، بِالرُّومِيَّةِ.
وَسُئِلَ أَنَسٌ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقَالَ: سَلُوا مَوْلَانَا الْحَسَنَ، فَإِنَّهُ غَابَ وَحَضَرْنَا وَحَفِظَ وَنَسِينَا، وَلَوْلَا صِحَّتُهُ لَمَا سَوَّغُوهُ فَلْيُعْتَبَرْ فِي الْإِجْمَاعِ.
قَالُوا: شَاهَدُوا التَّنْزِيلَ فَهُمْ أَعْلَمُ بِالتَّأْوِيلِ، فَالتَّابِعُونَ مَعَهُمْ كَالْعَامَّةِ مَعَ الْعُلَمَاءِ، وَلِذَلِكَ قُدِّمَ تَفْسِيرُهُمْ، وَأَنْكَرَتْ عَائِشَةُ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ مُخَالَفَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ.
قُلْنَا: الْأَعْلَمِيَّةُ لَا تَنْفِي اعْتِبَارَ اجْتِهَادِ الْمُجْتَهِدِ، وَكَوْنُهُمْ مَعَهُمْ كَالْعَامَّةِ مَعَ الْعُلَمَاءِ تَهَجُّمٌ مَمْنُوعٌ، وَالصُّحْبَةُ لَا تُوجِبُ الِاخْتِصَاصَ، وَإِنْكَارُ عَائِشَةَ إِمَّا لِأَنَّهَا لَمْ تَرَهُ مُجْتَهِدًا أَوْ لِتَرْكِهِ التَّأَدُّبَ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ.
ــ
الْمَسْأَلَةُ «الرَّابِعَةُ: التَّابِعِيُّ الْمُجْتَهِدُ الْمُعَاصِرُ» لِلصَّحَابَةِ «مُعْتَبَرٌ» مَعَهُمْ فِي الْإِجْمَاعِ، لَا إِجْمَاعَ لَهُمْ بِدُونِهِ «فِي أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ» وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ. «فَإِنْ نَشَأَ» التَّابِعِيُّ «بَعْدَ إِجْمَاعِهِمْ» عَلَى حُكْمٍ «فَعَلَى انْقِرَاضِ الْعَصْرِ» أَيْ: خَرَجَ اعْتِبَارُهُ مَعَهُمْ عَلَى انْقِرَاضِ الْعَصْرِ.
إِنْ قُلْنَا: لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْإِجْمَاعِ انْقِرَاضُ الْعَصْرِ، لَمْ يُعْتَبَرْ، وَإِلَّا اعْتُبِرَ، لِأَنَّ شَرْطَ اسْتِقْرَارِهِ لَمْ يُوجَدْ «خِلَافًا لِلْقَاضِي، وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute