. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قَوْلُهُ: «ثُمَّ قِيلَ: الْعَامُّ الْكَامِلُ» ، إِلَى آخِرِهِ. هَذَا قَوْلُ الْبُسْتِيِّ فِيمَا حَكَى الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ. وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ لَفْظَ الْجَمْعِ ; كَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ، أَكْمَلُ فِي بَابِ الْعُمُومِ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ كَالْمُفْرَدِ الْمُعَرَّفِ بِاللَّامِ، نَحْوَ: الزَّانِي، وَالسَّارِقِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْعُمُومَ قَامَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَمَعْنَاهُ.
وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ أَنَّ لَفْظَهُ يُفِيدُ التَّعَدُّدَ كَمَا أَنَّ مَعْنَاهُ مُتَعَدِّدٌ، بِخِلَافِ اللَّفْظِ الْمُفْرَدِ، فَإِنَّ التَّعَدُّدَ إِنَّمَا هُوَ فِي مَدْلُولِهِ لَا فِي لَفْظِهِ ; فَإِنَّا إِذَا قُلْنَا: الرِّجَالُ، دَلَّ هَذَا اللَّفْظُ بِوَضْعِهِ عَلَى جَمَاعَةٍ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْ ذُكُورِ بَنِي آدَمَ، بِخِلَافِ الرَّجُلِ وَالسَّارِقِ ; فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَدُلُّ بِوَضْعِهِ عَلَى وَاحِدٍ وَهُوَ ذَاتٌ اتَّصَفَتْ بِالسَّرِقَةِ، وَعُمُومُ مَدْلُولِهِ إِنَّمَا اسْتَفَدْنَاهُ مِنْ دَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ، وَهُوَ كَوْنُ هَذَا اللَّفْظِ أُرِيدَ بِهِ الْجِنْسُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ.
فَعَلَى هَذَا: الْجَمْعُ الَّذِي لَهُ وَاحِدٌ مِنْ لَفْظِهِ، كَالْمُؤْمِنِينَ، وَالَّذِي لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، كَالنَّاسِ، وَالْجَمْعُ الْمُضَافُ، كَعَبِيدِ زَيْدٍ، وَكُلٌّ وَجَمِيعٌ أَكْمَلُ عُمُومًا مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ، وَمِنَ النَّكِرَةِ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ نَحْوَ: لَا رَجُلَ فِي الدَّارِ ; لِأَنَّ أَلْفَاظَهَا لَيْسَتْ جَمْعًا بِالْوَضْعِ عَلَى حَدِّ الرِّجَالِ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَدَوَاتُ الشَّرْطِ وَالنَّكِرَةِ الْمَذْكُورَةِ أَكْمَلُ مِنَ الْمُفْرَدِ الْمُعَرَّفِ ; لِأَنَّ أَلْفَاظَهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ صَرَائِحَ فِي الْجَمْعِ كَمَا ذَكَرْنَا ; فَهِيَ مَوْضُوعَةٌ لَهُ وَتُفِيدُهُ بِالْجُمْلَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute