. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قَوْلُهُ: «وَمَتَى اجْتَمَعَ مُطْلَقٌ وَمُقَيَّدَانِ مُتَضَادَّانِ، حُمِلَ» ، يَعْنِي الْمُطْلَقَ «عَلَى أَشْبَهِهِمَا بِهِ» ، يَعْنِي يُحْمَلُ عَلَى مَا هُوَ أَشْبَهُ بِهِ مِنَ الْمُقَيَّدَيْنِ الْمُتَضَادَّيْنِ، وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِحَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، فِي صُورَةٍ يَتَّجِهُ فِيهَا ذَلِكَ، كَمَا إِذَا اتَّفَقَ الْحُكْمُ وَالسَّبَبُ، أَوِ الْحُكْمُ وَحْدَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّا: إِمَّا أَنْ نَحْمِلَهُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا ; فَيَلْزَمُ التَّضَادُّ، كَالصَّوْمِ، هُوَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ مُقَيَّدٌ بِالتَّتَابُعِ، وَفِي مُتْعَةِ الْحَجِّ مُقَيَّدٌ بِالتَّفْرِيقِ ; فَلَوْ حَمَلْنَا الصَّوْمَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ عَلَيْهِمَا، وَهُوَ مُطْلَقٌ، لَزِمَ أَنْ يَجِبَ فِيهِ التَّتَابُعُ وَالتَّفْرِيقُ مَعًا، وَهُوَ مُحَالٌ، أَوْ لَا نَحْمِلُهُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا ; فَتَبْطُلُ قَاعِدَةُ إِلْحَاقِ الْمُطْلَقِ بِالْمُقَيَّدِ، وَالتَّقْدِيرُ أَنَّ هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَيْهِ، أَوْ نَحْمِلُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا اعْتِبَاطًا، بِحَسَبِ الِاخْتِيَارِ، مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ ; فَيَكُونُ تَرْجِيحًا بِلَا مُرَجِّحٍ.
وَإِذَا انْتَفَتْ هَذِهِ الْأَقْسَامُ، تَعَيَّنَ مَا قُلْنَاهُ، وَهُوَ حَمْلُهُ عَلَى الْأَشْبَهِ بِهِ مِنْهُمَا، بِطَرِيقِ النَّظَرِ لَا اجْتِهَادَ.
وَمِثَالُهُ الْأَصَحُّ: أَنَّ غَسْلَ الْأَيْدِي فِي الْوُضُوءِ، وَرَدَ مُقَيَّدًا بِالْمَرَافِقِ، وَقَطْعُهَا فِي السَّرِقَةِ مُقَيَّدٌ بِالْكُوعِ بِالْإِجْمَاعِ، وَمَسْحُهَا فِي الَّتَّيَمُّمِ وَرَدَ مُطْلَقًا ; فَهَلْ يُلْحَقُ بِالْقَطْعِ فِي تَقْيِيدِهِ بِالْكُوعِ، أَوْ بِالْغَسْلِ فِي تَقْيِيدِهِ بِالْمَرَافِقِ؟ وَلِهَذَا خَرَجَ الْخِلَافُ فِيهِ.
أَمَّا تَرَدُّدُ صَوْمِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بَيْنَ صَوْمِ الظِّهَارِ وَالْحَجِّ ; فَمِثَالٌ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّ الصَّوْمَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ مَا وَرَدَ عَنِ الشَّرْعِ إِلَّا مُقَيَّدًا بِالتَّتَابُعِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ بِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute