للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ هُنَا مَسَائِلُ:

الْأُولَى: الْقِرَاءَاتُ السَّبْعُ مُتَوَاتِرَةٌ خِلَافًا لِقَوْمٍ. لَنَا: الْقَوْلُ بِأَنَّ جَمِيعَهَا آحَادٌ، خِلَافُ الْإِجْمَاعِ، وَبِأَنَّ بَعْضَهَا كَذَلِكَ، تَرْجِيحٌ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ ; فَتَعَيَّنَ الْمُدَّعَى. قَالُوا: الْآحَادُ وَاحِدٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ. قُلْنَا: مُحَالٌ، إِذِ التَّوَاتُرُ مَعْلُومٌ، وَالْآحَادُ مَظْنُونٌ ; فَالتَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا لَازِمٌ، وَإِذْ لَا مَظْنُونَ ; فَلَا آحَادَ.

ــ

قَوْلُهُ: «ثُمَّ هُنَا مَسَائِلُ» ، يَعْنِي أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا سَبَقَ، مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْكِتَابِ، هُوَ كَالْمُقَدِّمَةِ الْكُلِّيَّةِ لَهُ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا، أَخَذَ يَذْكُرُ جُزْئِيَّاتِ أَحْكَامِهِ:

فَالْمَسْأَلَةُ «الْأُولَى: الْقِرَاءَاتُ السَّبْعُ مُتَوَاتِرَةٌ خِلَافًا لِقَوْمٍ» . اعْلَمْ أَنَّ الْقُرْآنَ وَالْقِرَاءَاتِ حَقِيقَتَانِ مُتَغَايِرَتَانِ:

فَالْقُرْآنُ هُوَ الْوَحْيُ النَّازِلُ عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْبَيَانِ وَالْإِعْجَازِ.

وَالْقِرَاءَاتُ: هِيَ اخْتِلَافُ أَلْفَاظِ الْوَحْيِ الْمَذْكُورِ، فِي كَمِّيَّةِ الْحُرُوفِ، أَوْ كَيْفِيَّتِهَا مِنْ تَخْفِيفٍ أَوْ تَثْقِيلٍ، وَتَحْقِيقٍ أَوْ تَسْهِيلٍ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، بِحَسْبِ اخْتِلَافِ لُغَاتِ الْعَرَبِ، وَلَا نِزَاعَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي تَوَاتُرِ الْقُرْآنِ، أَمَّا الْقِرَاءَاتُ ; فَوَقَعَ النِّزَاعُ فِيهَا، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا مُتَوَاتِرَةٌ، وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَيْسَتْ مُتَوَاتِرَةً.

«لَنَا: الْقَوْلُ بِأَنَّ جَمِيعَهَا آحَادٌ خِلَافَ الْإِجْمَاعِ» إِلَى آخِرِهِ. هَذَا دَلِيلُ الْقَائِلِينَ بِتَوَاتُرِهَا، وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّهُ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ تَكُونَ الْقِرَاءَاتُ جَمِيعُهَا مُتَوَاتِرَةً، أَوْ جَمِيعُهَا آحَادًا، أَوْ بَعْضُهَا تَوَاتُرٌ وَبَعْضُهَا آحَادٌ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ جَمِيعَهَا آحَادٌ خِلَافُ

<<  <  ج: ص:  >  >>