للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التَّقْلِيدُ

لُغَةً: جَعْلُ شَيْءٍ فِي الْعُنُقِ مُحِيطًا بِهِ، وَالشَّيْءُ قِلَادَةٌ.

وَشَرْعًا: قَبُولُ قَوْلِ الْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ، كَأَنَّ الْمُقَلِّدَ يُطَوِّقُ الْمُجْتَهِدَ إِثْمَ مَا غَشَّهُ بِهِ فِي دِينِهِ، وَكَتَمَهُ عَنْهُ مِنْ عِلْمِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} عَلَى جِهَةِ الِاسْتِعَارَةِ، وَلَيْسَ قَبُولُ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَقْلِيدًا، إِذْ هُوَ حُجَّةٌ فِي نَفْسِهِ.

وَيَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِي الْفُرُوعِ إِجْمَاعًا، خِلَافًا لِبَعْضِ الْقَدَرِيَّةِ.

لَنَا: الْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ تَكْلِيفِ الْعَامَّةِ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْمُخْطِئَ فِيهَا مُثَابٌ فَلَا مَحْذُورَ.

قَالُوا: الْوَاجِبُ الْعِلْمُ ; أَوْ مَا أَمْكَنَ مِنَ الظَّنِّ، وَالْحَاصِلُ مِنْهُ بِاجْتِهَادٍ أَكْثَرَ.

قُلْنَا: فَاسِدُ الِاعْتِبَارِ لِمُخَالَفَتِهِ النَّصَّ وَالْإِجْمَاعَ، ثُمَّ تَكْلِيفُهُمُ الِاجْتِهَادَ يُبْطِلُ الْمَعَايِشَ، وَيُوجِبُ خَرَابَ الدُّنْيَا فِي طَلَبِ أَهْلِيَّتِهِ، وَلَعَلَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يُدْرِكُهَا فَتَتَعَطَّلُ الْأَحْكَامُ بِالْكُلِّيَّةِ.

ــ

«التَّقْلِيدُ لُغَةً» أَيْ: هُوَ فِي اللُّغَةِ «جَعْلُ شَيْءٍ فِي الْعُنُقِ» عُنُقِ الدَّابَّةِ وَغَيْرِهِ «مُحِيطًا بِهِ» ، احْتِرَازًا مِمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ مُحِيطًا بِالْعُنُقِ، فَلَا يُسَمَّى قِلَادَةً فِي عُرْفِ اللُّغَةِ وَلَا غَيْرِهِا، وَذَلِكَ كَالْعُقُودِ،الْمَخَانِقِ، وَالْمُرْسِلَاتِ فِي حُلُوقِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، وَالسُّبَحِ الَّتِي هِيَ فِي حُلُوقِ الْمُتَزَهِّدِينَ، وَالْقَلَائِدِ فِي أَعْنَاقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>