ثُمَّ هُنَا أُمُورٌ: أَحَدُهَا: الصِّحَّةُ فِي الْعِبَادَاتِ وُقُوعُ الْفِعْلِ كَافِيًا فِي سُقُوطِ الْقَضَاءِ.
وَقِيلَ: مُوَافَقَةُ الْأَمْرِ. وَلَا يَرُدُّ الْحَجَّ الْفَاسِدَ لِعَدَمِ مُوَافَقَتِهِ. فَصَلَاةُ الْمُحْدِثِ يَظُنُّ الطَّهَارَةَ، صَحِيحَةٌ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ، وَالْقَضَاءُ وَاجِبٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَالْبُطْلَانُ يُقَابِلُهَا عَلَى الرَّأْيَيْنِ. وَفِي الْمُعَامَلَاتِ، تُرَتَّبُ أَحْكَامُهَا الْمَقْصُودَةُ بِهَا عَلَيْهَا. وَالْبُطْلَانُ وَالْفَسَادُ مُتَرَادِفَيْنِ يُقَابِلَانِهَا، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَا تَرَادُفَ. وَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا بِمَا سَبَقَ.
ــ
قَوْلُهُ: «ثُمَّ هُنَا أُمُورٌ، أَحَدُهَا: الصِّحَّةُ» إِلَى آخِرِهِ، يَعْنِي أَنَّنَا ذَكَرْنَا مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ مَا هُوَ كَالْكُلِّيَّاتِ لَهُ، ثُمَّ هَاهُنَا أُمُورٌ وَهِيَ - وَإِنْ كَانَتْ مِنْهُ - لَكِنَّهَا كَاللَّوَاحِقِ الْجُزْئِيَّةِ لَهُ فَنَذْكُرُهَا:
أَحَدُهَا: الصِّحَّةُ فِي الْعِبَادَاتِ وُقُوعُ الْفِعْلِ كَافِيًا فِي سُقُوطِ الْقَضَاءِ.
وَقِيلَ: مُوَافَقَةُ الْأَمْرِ.
مَعْنَى هَذَا: أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى صِحَّةِ الْعِبَادَاتِ، فَالْفُقَهَاءُ قَالُوا: الصِّحَّةُ وُقُوعُ الْفِعْلِ كَافِيًا فِي سُقُوطِ الْقَضَاءِ، كَالصَّلَاةِ الْوَاقِعَةِ بِشُرُوطِهَا وَأَرْكَانِهَا مَعَ انْتِفَاءِ مَوَانِعِهَا، فَكَوْنُهَا كَافِيَةً فِي سُقُوطِ الْقَضَاءِ، أَيْ أَنَّهَا لَا يَجِبُ قَضَاؤُهَا، هُوَ صِحَّتُهَا.
وَالْمُتَكَلِّمُونَ قَالُوا: الصِّحَّةُ مُوَافَقَةُ الْأَمْرِ، فَكُلُّ مَنْ أُمِرَ بِعِبَادَةٍ، فَوَافَقَ الْأَمْرَ بِفِعْلِهَا، كَانَ قَدْ أَتَى بِهَا صَحِيحَةً، وَإِنِ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِهَا، أَوْ وُجِدَ مَانِعٌ.
وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْفُقَهَاءِ، لِأَنَّ كُلَّ صِحَّةٍ، فَهِيَ مُوَافَقَةُ الْأَمْرِ، وَلَيْسَ كُلُّ مُوَافَقَةِ الْأَمْرِ صِحَّةً عِنْدِهِمْ، وَالنِّزَاعُ بَيْنَهُمْ لَفْظِيٌّ أَوْ كَاللَّفْظِيِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute