للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قَوْلُهُ: «وَلَا يُرَدُّ الْحَجُّ الْفَاسِدُ لِعَدَمِ مُوَافَقَتِهِ» .

هَذَا جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ أَوْرَدَهُ الْفُقَهَاءُ عَلَى الْمُتَكَلِّمِينَ.

وَتَقْرِيرُهُ: لَوْ كَانَتِ الصِّحَّةُ مُوَافَقَةَ الْأَمْرِ، لَكَانَ الْحَجُّ الْفَاسِدُ صَحِيحًا، لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِإِتْمَامِهِ، وَالْمُضِيِّ فِيهِ، فَالْمُتِمُّ لَهُ مُوَافِقُ الْأَمْرِ بِإِتْمَامِهِ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا، لَكِنَّهُ فَاسِدٌ بِاتِّفَاقٍ، فَوَجَبَ أَنْ لَا تَكُونَ الصِّحَّةُ مُوَافَقَةَ الْأَمْرِ، بَلْ مَا ذَكَرْنَا مِنْ كَوْنِهِ كَافِيًا فِي إِسْقَاطِ الْقَضَاءِ.

وَتَقْرِيرُ الْجَوَابِ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ: أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْحَجَّ الْفَاسِدَ وَقَعَ عَلَى مُوَافَقَةِ الْأَمْرِ، بَلْ عَلَى مُخَالَفَتِهِ، حَيْثُ فَعَلَ فِيهِ مَا أَفْسَدَهُ، وَحِينَئِذٍ انْتِفَاءُ صِحَّتِهِ لِانْتِفَاءِ مُوَافَقَةِ الْأَمْرِ فِيهِ. فَأَمَّا كَوْنُ الْمُفْسِدِ لَهُ مَأْمُورًا بِإِتْمَامِهِ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ امْتِثَالُهُ الْأَمْرَ بِإِتْمَامِهِ يُوجِبُ صِحَّتَهُ لِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْأَمْرَ بِإِتْمَامِهِ أَمْرٌ طَرَأَ عَلَى الْأَمْرِ الْأَوَّلِ: إِمَّا حِفْظًا لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ مِنَ الْهَتْكِ بَعْدَ انْعِقَادِ سَبَبِ احْتِرَامِهِ بِالْإِحْرَامِ، أَوْ عُقُوبَةً لِلْمُفْسِدِ لَهُ عَلَى إِفْسَادِهِ يَمْنَعُهُ مِنَ التَّخْفِيفِ عَلَيْهِ وَمُعَارَضَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، كَالْوَاطِئِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ. وَنَحْنُ إِنَّمَا نُرِيدُ بِالْأَمْرِ الَّذِي الصِّحَّةُ مُوَافَقَتُهُ الْأَمْرَ الِابْتِدَائِيَّ، أَيِ: الَّذِي أُمِرَ بِهِ الْمُكَلَّفُ ابْتِدَاءً.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّنَا إِنَّمَا نَقُولُ: إِنَّ الصِّحَّةَ مُوَافَقَةُ الْأَمْرِ فِيمَا نَعْلَمُ أَنَّ الشَّارِعَ طَلَبَ مِنَّا تَصْحِيحَهُ، وَالْحَجُّ الْفَاسِدُ نَعْلَمُ أَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يُرِدْ مِنَّا تَصْحِيحَهُ، لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>