. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كُلِّهَا ; فَلَا يُتَصَوَّرُ انْعِقَادُ الْإِجْمَاعِ بَعْدَهُمْ، كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ دَاوُدُ الظَّاهِرِيُّ، لَكِنَّ اخْتِصَاصَ الْإِجْمَاعِ بِالصَّحَابَةِ بَاطِلٌ، بِاتِّفَاقٍ مِنَّا وَمِنَ الْخَصْمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَيَبْطُلُ مَلْزُومُهُ، وَهُوَ أَنَّ اتِّفَاقَ أَهْلِ الْعَصْرِ الثَّانِي عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ أَهْلِ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ، لَيْسَ بِإِجْمَاعٍ فَيَصِحُّ مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ إِجْمَاعٌ.
تَنْبِيهٌ: أَمَّا اتِّفَاقُ أَهْلِ الْعَصْرِ الْوَاحِدِ بَعْدَ اخْتِلَافِهِمْ، فَجَائِزٌ، خِلَافًا لِلصَّيْرَفِيِّ، وَدَلِيلُ الْجَوَازِ الْوُقُوعُ، فَإِنَّ الصَّحَابَةَ اخْتَلَفُوا فِي أَحْكَامٍ كَثِيرَةٍ، ثُمَّ اتَّفَقُوا، وَقَدْ سَبَقَتْ أَمْثِلَتُهُ فِي مَسْأَلَةِ انْقِرَاضِ الْعَصْرِ، وَلَعَلَّ الصَّيْرَفِيَّ يَحْتَجُّ بِأَنَّ اخْتِلَافَهُمْ عَلَى قَوْلَيْنِ فَأَكْثَرَ ; إِجْمَاعٌ مِنْهُمْ عَلَى تَسْوِيغِ الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالْأَخْذِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَقْوَالِ فِيهَا بِالِاجْتِهَادِ، فَاتِّفَاقُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ رَفْعٌ لِذَلِكَ الْإِجْمَاعِ، وَمُعَارَضَةٌ لِلْإِجْمَاعِ الْأَوَّلِ بِالثَّانِي، وَهُوَ بَاطِلٌ.
وَالْجَوَابُ: أَنَّ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْهِمْ سَبِيلُ الْمُؤْمِنِينَ فَيَجِبُ اتِّبَاعُهُ، وَأَمَّا كَوْنُ اخْتِلَافِهِمْ إِجْمَاعًا عَلَى تَسْوِيغِ الْأَخْذِ بِكُلٍّ مِنَ الْقَوْلَيْنِ، فَمَمْنُوعٌ، وَإِنْ سُلِّمَ، لَكِنَّ ذَلِكَ الْإِجْمَاعَ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ الْإِجْمَاعِ الثَّانِي عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ.
فَإِنْ قِيلَ: لَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ الْإِجْمَاعُ عَلَى تَسْوِيغِ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ مَشْرُوطًا بِعَدَمِ الْإِجْمَاعِ الثَّانِي، لَجَازَ أَنْ يَكُونَ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ مَشْرُوطًا بِعَدَمِ إِجْمَاعٍ ثَانٍ، لَكِنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ أَنْ لَا يَسْتَقِرَّ إِجْمَاعٌ أَصْلًا، وَأَنْ يَجُوزَ نَقْضُ الْإِجْمَاعِ بِالْإِجْمَاعِ أَبَدًا، وَهُوَ بَاطِلٌ، فَالْمُفْضِي إِلَيْهِ بَاطِلٌ.
فَالْجَوَابُ: أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ لَازِمٍ، لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ تَعَيَّنَتْ فِيهِ الْمَصْلَحَةُ وَوَجْهُ الْحَقِّ، فَاسْتَقَرَّتْ لَهُ الْعِصْمَةُ، بِخِلَافِ الِاخْتِلَافِ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute