السَّادِسَةُ: يَجُوزُ لِلْعَامِّيِّ تَقْلِيدُ الْمُجْتَهِدِ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِمُجْتَهِدٍ اجْتَهَدَ وَظَنَّ الْحُكْمَ، اتِّفَاقًا فِيهِمَا، أَمَّا مَنْ لَمْ يَجْتَهِدْ وَيُمْكِنْهُ مَعْرِفَةُ الْحُكْمِ بِنَفْسِهِ بِالْقُوَّةِ الْقَرِيبَةِ مِنَ الْفِعْلِ لِأَهْلِيَّتِهِ لِلِاجْتِهَادِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَيْضًا مُطْلَقًا؛ خِلَافًا لِلظَّاهِرِيَّةِ.
وَقِيلَ: يَجُوزُ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ، وَقِيلَ: لِيَعْمَلَ لَا لِيُفْتِيَ، وَقِيلَ: لِمَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ، وَقِيلَ: مِنَ الصَّحَابَةِ.
لَنَا: مُجْتَهِدٌ فَلَا يُقَلِّدُ، كَمَا لَوِ اجْتَهَدَ فَظَنَّ الْحُكْمَ، وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا اعْتَقَدَ خَطَأَ غَيْرِهِ لَوِ اجْتَهَدَ، فَكَيْفَ يَعْمَلُ بِمَا يَعْتَقِدُ خَطَأَهُ؟ نَعَمْ، لَهُ أَنْ يَنْقِلَ مَذْهَبَ غَيْرِهِ لِلْمُسْتَفْتِي، وَلَا يُفْتِي هُوَ بِتَقْلِيدِ أَحَدٍ.
ــ
الْمَسْأَلَةُ «السَّادِسَةُ: يَجُوزُ لِلْعَامِّيِّ تَقْلِيدُ الْمُجْتَهِدِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِمُجْتَهِدٍ اجْتَهَدَ، وَظَنَّ الْحُكْمَ، اتِّفَاقًا فِيهِمَا» ، أَيْ: فِي الصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ. أَيْ: أَنَّ الْعَامِّيَّ يَجُوزُ لَهُ تَقْلِيدُ الْمُجْتَهِدِ بِالِاتِّفَاقِ، وَأَنَّ الْمُجْتَهِدَ إِذَا اجْتَهَدَ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَا لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُ غَيْرِهِ بِالِاتِّفَاقِ أَيْضًا، أَيْ: لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ. «أَمَّا مَنْ لَمْ يَجْتَهِدْ» فِي الْحُكْمِ بَعْدُ، وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِنَفْسِهِ «بِالْقُوَّةِ الْقَرِيبَةِ مِنَ الْفِعْلِ» ، لِكَوْنِهِ أَهْلًا لِلِاجْتِهَادِ، «فَلَا يَجُوزُ لَهُ» تَقْلِيدُ غَيْرِهِ «أَيْضًا مُطْلَقًا» ؛ لَا لِأَعْلَمَ مِنْهُ وَلَا لِغَيْرِهِ؛ لَا مِنَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَلَا غَيْرِهِمْ؛ لَا لِلْعَمَلِ وَلَا لِلْفُتْيَا؛ لَا مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَلَا سَعَتِهِ. هَذَا فَائِدَةُ قَوْلِهِ: «مُطْلَقًا، خِلَافًا لِلظَّاهِرِيَّةِ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute