للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قُلْتُ: هَذَا عَنِ الظَّاهِرِيَّةِ، لَا أَعْلَمُ الْآنَ مِنْ أَيْنَ نَقَلْتُهُ فِي «الْمُخْتَصَرِ» ، وَلَمْ أَرَهُ فِي «الرَّوْضَةِ» ، وَلَا أَحْسَبُهُ إِلَّا وَهْمًا مِمَّنْ نَقَلْتُهُ عَنْهُ، أَوْ فِي النُّسْخَةِ الَّتِي كَانَ مِنْهَا الِاخْتِصَارُ، فَإِنَّ الظَّاهِرِيَّةَ أَشَدُّ النَّاسِ فِي مَنْعِ التَّقْلِيدِ لِغَيْرِ ظَوَاهِرِ الشَّرْعِ.

«وَقِيلَ: يَجُوزُ» - يَعْنِي التَّقْلِيدَ - لِهَذَا الْمُجْتَهِدِ الْمَذْكُورِ «مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ» عَنْ مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ بِاجْتِهَادِهِ، مِثْلَ أَنْ ضَاقَ وَقْتُ الصَّلَاةِ، وَقَدْ أُشْكِلَ عَلَيْهِ بَعْضُ شُرُوطِهَا وَأَرْكَانِهَا، بِحَيْثُ لَوْ أَخَّرَهَا لِيَسْتَوْفِيَ النَّظَرَ فِي ذَلِكَ فَاتَ وَقْتُهَا؛ جَازَ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ فِي ذَلِكَ.

«وَقِيلَ» : يَجُوزُ لَهُ التَّقْلِيدُ «لِيَعْمَلَ» بِهِ «لَا لِيُفْتِيَ» بِهِ - يَعْنِي فِيمَا يَخُصُّهُ دُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمُ غَيْرِهِ - وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْعِرَاقِيِّينَ.

«وَقِيلَ» : يَجُوزُ لَهُ التَّقْلِيدُ «لِمَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ» مِنَ الصَّحَابَةِ أَوْ غَيْرِهِمْ، دُونَ غَيْرِهِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ.

«وَقِيلَ» : يَجُوزُ تَقْلِيدُ غَيْرِهِ «مِنَ الصَّحَابَةِ» دُونَ غَيْرِهِمْ.

وَذَكَرَ الْآمِدِيُّ أَقْوَالًا وَتَفَاصِيلَ أَذْكُرُهَا تَكْمِلَةً، فَقَالَ:

الْمُجْتَهِدُ إِذَا اجْتَهَدَ فِي مَسْأَلَةٍ، وَأَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إِلَى حُكْمٍ لَا يَجُوزُ لَهُ تَقْلِيدُ غَيْرِهِ فِي مُقَابِلِ ذَلِكَ الْحُكْمِ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدِ اجْتَهَدَ فِيهَا، قَالَ الْجُبَائِيُّ: الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ، مَعَ جَوَازِ التَّقْلِيدِ فِيهَا لِوَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، إِذَا تَرَجَّحَ فِي نَظَرِهِ عَلَى غَيْرِهِ، وَإِلَّا فَلَهُ تَقْلِيدُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ، وَلَا يُقَلِّدُ غَيْرَ الصَّحَابِيِّ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِسَالَتِهِ الْقَدِيمَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَ تَقْلِيدَهُ لِلتَّابِعِيِّ أَيْضًا دُونَ مَنْ بَعْدَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>