للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قَوْلُهُ: «وَلَا يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ مُنْشِأً لِلْحِكْمَةِ، كَالسَّفَرِ مَعَ الْمَشَقَّةِ» .

اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْمَكَانَ مِنْ دَقَائِقِ هَذَا الْبَابِ خُصُوصًا عَلَى نَشَأَةِ الطُّلَّابِ، فَيَجِبُ الِاعْتِنَاءُ بِكَشْفِهِ، وَقَدْ تَضَمَّنَتِ الْجُمْلَةُ الْمَذْكُورَةُ أَلْفَاظًا يَنْبَغِي الْكَشْفُ عَنْهَا، ثُمَّ ذِكْرُ مَعْنَى الْجُمْلَةِ بَعْدَهَا كَمَا يَنْبَغِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

أَمَّا الْأَلْفَاظُ الْمَذْكُورَةُ، فَهِيَ الْمُنَاسِبُ، وَالْمَنْشَأُ، وَالْحِكْمَةُ.

أَمَّا الْمُنَاسِبُ، فَقَدْ سَبَقَ الْكَشْفُ عَنْ حَقِيقَتِهِ.

وَأَمَّا الْإِنْشَاءُ فَهُوَ مَحَلُّ النَّشْءِ وَهُوَ الظُّهُورُ، يُقَالُ: نَشَأَ يَنْشَأُ نَشْأً وَنُشُوءًا: إِذَا بَدَا، وَظَهَرَ، وَنَشَأَ الشَّيْءُ: مَظْهَرُهُ وَمَبْدَؤُهُ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَظْهَرُ وَيَبْدُو مِنْهُ.

وَالْحِكْمَةُ غَايَةُ الْحِكَمِ الْمَطْلُوبَةِ بِشَرْعِهِ، كَحِفْظِ الْأَنْفُسِ وَالْأَمْوَالِ بِشَرْعِ الْقَوْدِ وَالْقَطْعِ.

إِذَا عُرِفَ هَذَا، فَيَكُونُ هَذَا الْوَصْفُ الْمُنَاسِبُ مَنْشَأً لِلْحِكْمَةِ الْمَطْلُوبَةِ مِنَ الْحُكْمِ غَيْرَ مُشْتَرَطٍ خِلَافًا لِقَوْمٍ، بَلِ الْمُعْتَبَرُ ثُبُوتُ الْمَصْلَحَةِ عَقِيبَهُ، وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَنْشَأً لَهَا أَوْ لَا، فَإِنَّ قَوْلَنَا: هَذَا الْوَصْفُ مُنَاسِبٌ يَصْدُقُ بِاعْتِبَارَاتٍ ثَلَاثٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مَنْشَأً لِلْحِكْمَةِ، كَقَوْلِنَا: السَّفَرُ مَنْشَأُ الْمَشَقَّةِ الْمُبِيحَةِ لِلتَّرَخُّصِ، وَالْقَتْلُ مَنْشَأُ الْمَفْسَدَةِ; وَهِيَ تَفْوِيتُ النَّفْسِ، وَالزِّنَى مَنْشَأُ

<<  <  ج: ص:  >  >>