. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
التَّصَرُّفِ فِيهَا.
أَمَّا التَّرْتِيبُ، فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمُقَدَّمَ مِنَ الْأَدِلَّةِ الْإِجْمَاعُ، ثُمَّ الْكِتَابُ ثُمَّ مُتَوَاتِرُ السُّنَّةِ، ثُمَّ خَبَرُ الْوَاحِدِ، ثُمَّ الْقِيَاسُ، ثُمَّ بَاقِي الْأَدِلَّةِ عَلَى مَرَاتِبِهَا فِي نَظَرِ الْمُجْتَهِدِ.
وَأَمَّا التَّصَرُّفُ فِيهَا كَحَمْلِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ، وَالْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَالْمُجْمَلِ عَلَى الْمُبَيَّنِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ ; فَقَدْ ذُكِرَ فِي أَبْوَابِهِ، وَسُمِّيَ هَذَا تَصَرُّفًا، لِأَنَّ التَّصَرُّفَ هُوَ التَّنَقُّلُ فِي الْأَزْمِنَةِ وَالْأَحْوَالِ، وَهَذَا تَنَقُّلٌ فِي أَحْوَالِ الْأَدِلَّةِ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ.
وَأَمَّا التَّرْجِيحُ فَنَحْنُ الْآنُ ذَاكِرُوهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: " وَالتَّرْجِيحُ: تَقْدِيمُ أَحَدِ طَرِيقَيِ الْحُكْمِ لِاخْتِصَاصِهِ بِقُوَّةٍ فِي الدِّلَالَةِ، وَرُجْحَانُ الدَّلِيلِ عِبَارَةٌ عَنْ كَوْنِ الظَّنِّ الْمُسْتَفَادِ مِنْهُ أَقْوَى ".
اعْلَمْ أَنَّ التَّرْجِيحَ وَالرُّجْحَانَ قَدْ يَلْتَبِسَانِ. وَقَدْ أَشَرْتُ إِلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِتَمْيِيزِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْهُ بِرَسْمٍ.
فَالتَّرْجِيحُ: فِعْلُ الْمُرَجِّحِ النَّاظِرِ فِي الدَّلِيلِ، وَهُوَ تَقْدِيمُ أَحَدِ الطَّرِيقَيْنِ الصَّالِحَيْنِ لِلْإِفْضَاءِ إِلَى مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ لِاخْتِصَاصِ ذَلِكَ الطَّرِيقِ بِقُوَّةٍ فِي الدِّلَالَةِ، كَمَا إِذَا تَعَارَضَ الْكِتَابُ وَالْإِجْمَاعُ فِي حُكْمٍ، وَالْعَامُّ وَالْخَاصُّ، أَوْ قِيَاسُ الْعِلَّةِ وَالشَّبَهِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَرِيقٌ يَصْلُحُ لِأَنْ يُعْرَفَ بِهِ الْحُكْمُ، لَكِنَّ الْإِجْمَاعَ اخْتَصَّ بِقُوَّةٍ عَلَى الْكِتَابِ مِنْ حَيْثُ الدِّلَالَةُ. وَكَذَا الْخَاصُّ عَلَى الْعَامِّ، وَقِيَاسُ الْعِلَّةِ عَلَى الشَّبَهِ مُقَدَّمٌ لِذَلِكَ.
وَالرُّجْحَانُ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِالدَّلِيلِ، أَوْ مُضَافَةٌ إِلَيْهِ، وَهِيَ كَوْنُ الظَّنِّ الْمُسْتَفَادِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute