السَّابِعَةُ: الْإِجْمَاعُ لَا يُنْسَخُ، وَلَا يُنْسَخُ بِهِ، إِذِ النَّسْخُ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي عَهْدِ النُّبُوَّةِ، وَلَا إِجْمَاعَ إِذَنْ. وَلِأَنَّ النَّاسِخَ وَالْمَنْسُوخَ مُتَضَادَّانِ، وَالْإِجْمَاعُ لَا يُضَادُّ النَّصَّ، وَلَا يَنْعَقِدْ عَلَى خِلَافِهِ.
وَالْحُكْمُ الْقِيَاسِيُّ الْمَنْصُوصُ الْعِلَّةِ، يَكُونُ نَاسِخًا وَمَنْسُوخًا، كَالنَّصِّ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ.
وَقِيلَ: مَا خَصَّ نَسَخَ. وَهُوَ بَاطِلٌ، بِدَلِيلِ: الْعَقْلِ، وَالْإِجْمَاعِ، وَخَبَرِ الْوَاحِدِ، يَخُصُّ وَلَا يَنْسَخُ.
وَالنَّسْخُ وَالتَّخْصِيصُ مُتَنَاقِضَانِ، إِذِ النَّسْخُ إِبْطَالٌ، وَالتَّخْصِيصُ بَيَانٌ ; فَكَيْفَ يَسْتَوِيَانِ.
وَيَجُوزُ النَّسْخُ بِتَنْبِيهِ اللَّفْظِ كَمَنْطُوقِهِ ; لِأَنَّهُ دَلِيلٌ، خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ.
وَنَسْخُ حُكْمِ الْمَنْطُوقِ يُبْطِلُ حُكْمَ الْمَفْهُومِ، وَمَا ثَبَتَ بِعِلَّتِهِ، أَوْ دَلِيلِ خِطَابِهِ ; لِأَنَّهَا تَوَابِعُ ; فَسَقَطَتْ بِسُقُوطِ مَتْبُوعِهَا، خِلَافًا لِبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ.
ــ
الْمَسْأَلَةُ «السَّابِعَةُ: الْإِجْمَاعُ لَا يُنْسَخُ، وَلَا يُنْسَخُ بِهِ» ، أَيْ: لَا يَكُونُ مَنْسُوخًا وَلَا نَاسِخًا.
قَوْلُهُ: «إِذِ النَّسْخُ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي عَهْدِ النُّبُوَّةِ، وَلَا إِجْمَاعَ إِذَنْ» .
هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْإِجْمَاعِ، أَيِ: الْحُكْمُ الثَّابِتُ بِالْإِجْمَاعِ، لَا يُنْسَخُ، أَيْ: لَا يَكُونُ مَنْسُوخًا.
وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ النَّسْخَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي عَهْدِ النُّبُوَّةِ، وَالْإِجْمَاعُ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ عَهْدِ النُّبُوَّةِ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ الْإِجْمَاعِ لَا يُنْسَخُ.
أَمَّا أَنَّ النَّسْخَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي عَهْدِ النُّبُوَّةِ ; فَلِأَنَّ النَّسْخَ رَفْعٌ لِلْحُكْمِ، وَإِبْطَالٌ لَهُ، وَتَغْيِيرٌ، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي عَهْدِ النُّبُوَّةِ ; لِأَنَّهُ زَمَنُ الْوَحْيِ الرَّافِعِ لِلْأَحْكَامِ، وَبَعْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute