للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قَوْلُهُ: «وَالْحُكْمُ، قِيلَ: خِطَابُ الشَّرْعِ الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ، بِالِاقْتِضَاءِ أَوِ التَّخْيِيرِ» .

أَقُولُ: إِنَّمَا قُلْتُ: قِيلَ، لِمَا ذَكَرْتُ بَعْدُ، مِنْ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: الْحُكْمُ، مُقْتَضَى خِطَابِ الشَّرْعِ، وَالْكَلَامُ الْآنَ عَلَى التَّعْرِيفِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَالْكَلَامُ أَوَّلًا فِي حَقَائِقِ أَلْفَاظِهِ لُغَةً، ثُمَّ فِي بَيَانِ حَقِيقَتِهِ وَاحْتِرَازَاتِهِ.

أَمَّا حَقَائِقُ أَلْفَاظِهِ، فَالْحُكْمُ قَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ لُغَةً.

وَأَمَّا الْخِطَابُ، فَهُوَ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ خَاطَبَهُ بِالْكَلَامِ يُخَاطِبُهُ مُخَاطَبَةً وَخِطَابًا، وَهُوَ مِنْ أَبْنِيَةِ الْمُفَاعَلَةِ، نَحْوَ ضَارَبَهُ مُضَارَبَةً وَضِرَابًا، وَلَيْسَ الْخِطَابُ هُوَ الْكَلَامُ وَالْمُكَالَمَةُ، وَهِيَ تَوَجُّهُ الْكَلَامِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ، لِأَنَّا نَقُولُ خَاطَبَهُ بِالْكَلَامِ، فَلَوْ كَانَ الْخِطَابُ هُوَ الْكَلَامُ، لَكَانَ التَّقْدِيرُ: كَالَمَهُ أَوْ كَلَّمَهُ بِالْكَلَامِ، فَيَكُونُ تَكْرَارًا أَوْ تَأْكِيدًا، وَالْأَصْلُ، خِلَافُهُ. نَعَمِ، اسْتُعْمِلَ الْخِطَابُ فِي الِاصْطِلَاحِ بِمَعْنَى الْكَلَامِ، فَصَارَ حَقِيقَةً اصْطِلَاحِيَّةً.

وَالْأَفْعَالُ: جَمْعُ فِعْلٍ، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ مَشْهُورٌ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرِ الْجَوْهَرِيُّ حَقِيقَتَهُ، بَلْ تَصَارِيفَ مَادَّتِهِ.

أَمَّا فِي التَّحْقِيقِ، فَهُوَ مَعْنَى ذَاتٍ تَشْمَلُ مَا صَدَرَ مِنَ الْأَفْعَالِ عَنِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَعَنْ غَيْرِهِ.

وَقَوْلُنَا: اخْتِيَارًا وَاضْطِرَارًا، لِيَتَنَاوَلَ فِعْلَ الْمُرْتَعِشِ مِنْ حَرَكَةٍ أَوْ سُكُونٍ، فَإِنَّهَا أَفْعَالٌ اضْطِرَارِيَّةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>