للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْكَسْرُ: وَهُوَ إِبْدَاءُ الْحِكْمَةِ بِدُونِ الْحُكْمِ، غَيْرُ لَازِمٍ، إِذِ الْحِكَمُ لَا تَنْضَبِطُ بِالرَّأْيِ، فَرُدَّ ضَبْطُهَا إِلَى تَقْدِيرِ الشَّارِعِ، وَفِي انْدِفَاعِ النَّقْضِ بِالِاحْتِرَازِ عَنْهُ بِذِكْرِ وَصْفٍ فِي الْعِلَّةِ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْحُكْمِ، وَلَا يَعْدَمُ فِي الْأَصْلِ لِعَدَمِهِ، نَحْوَ قَوْلِهِمْ فِي الِاسْتِجْمَارِ: حُكْمٌ يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْجَارِ، يَسْتَوِي فِيهِ الثَّيِّبُ وَالْأَبْكَارُ، فَاشْتُرِطَ فِيهِ الْعَدَدُ كَرَمْيِ الْجِمَارِ، خِلَافُ، الظَّاهِرِ، لَا لِأَنَّ الطَّرْدِيَّ لَا يُؤَثِّرُ مُفْرَدًا، فَكَذَا مَعَ غَيْرِهِ، كَالْفَاسِقِ فِي الشَّهَادَةِ، وَيَنْدَفِعُ بِالِاحْتِرَازِ عَنْهُ بِذِكْرِ شَرْطٍ فِي الْحُكْمِ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ، نَحْوَ: حُرَّانِ مُكَلَّفَانِ مَحْقُونَا الدَّمِ، فَجَرَى بَيْنَهُمَا الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ كَالْمُسْلِمِينَ، إِذِ الْعَمْدُ أَحَدُ أَوْصَافِ الْعِلَّةِ حُكْمًا؛ وَإِنْ تَأَخَّرَ لَفْظًا، وَالْعِبْرَةُ بِالْأَحْكَامِ لَا الْأَلْفَاظِ، وَقِيلَ: لَا، إِذْ قَوْلُهُ فِي الْعَمْدِ، اعْتِرَافٌ بِتَخَلُّفِ حُكْمِ عِلَّتِهِ عَنْهَا فِي الْخَطَأِ، وَهُوَ نَقْضٌ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.

ــ

قَوْلُهُ: «وَالْكَسْرُ: وَهُوَ إِبْدَاءُ الْحِكْمَةِ بِدُونِ الْحُكْمِ غَيْرُ لَازِمٍ» .

هَذَا كَلَامٌ يَتَضَمَّنُ تَعْرِيفَ الْكَسْرِ وَحُكْمَهُ.

أَمَّا تَعْرِيفُهُ، فَهُوَ إِبْدَاءُ الْحِكْمَةِ بِدُونِ الْحُكْمِ، وَالْحِكْمَةُ قَدْ سَبَقَ أَنَّهَا: مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الضَّابِطُ الْوَصْفِيُّ كَالْمَشَقَّةِ الَّتِي اشْتَمَلَ عَلَيْهَا السَّفَرُ الْمُبَاحُ، وَالْعُقُوبَةُ الرَّادِعَةُ الَّتِي اشْتَمَلَ عَلَيْهَا الْقِصَاصُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ.

قَالَ الْآمِدِيُّ: وَهُوَ - يَعْنِي الْكَسْرَ - نَقْضٌ عَلَى الْعِلَّةِ دُونَ ضَابِطِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>