للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَتَذْكِيرًا، لِيُتَذَكَّرَ بِهِ آخِرًا مَا سَبَقَ مِنْهُ أَوَّلًا، وَإِنَّمَا لَمْ أَفْعَلْ ذَلِكَ فِي آخِرِ كُلِّ بَابٍ، لِعَدَمِ الْمُقْتَضِي لِذِكْرِهِ، بِخِلَافِ هَاهُنَا، فَإِنَّهُ عَرَضَ مَا اقْتَضَى ذِكْرَ ذَلِكَ.

وَعَلَى الْقَوْلِ بِتَكْفِيرِ مُنْكِرِ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ بِالْجُمْلَةِ سُؤَالٌ، وَهُوَ: كَيْفَ تُكَفِّرُونَ مُنْكِرَ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ، وَلَمْ تُكَفِّرُوا مُنْكِرَ أَصْلِ الْإِجْمَاعِ، كَالنَّظَّامِ وَالشِّيعَةِ وَالْخَوَارِجِ؟

وَأُجِيبَ عَنْهُ: بِأَنَّ مُنْكِرَ أَصْلِ الْإِجْمَاعِ لَمْ يَسْتَقِرَّ عِنْدَهُ كَوْنُهُ حُجَّةً، فَلَا يَتَحَقَّقُ مِنْهُ تَكْذِيبُ صَاحِبِ الشَّرِيعَةِ، بِخِلَافِ مُنْكِرِ حُكْمِهِ بَعْدَ اعْتِرَافِهِ بِكَوْنِهِ حُجَّةً، فَإِنَّهُ يَتَحَقَّقُ مِنْهُ ذَلِكَ، فَأُخِذَ بِإِقْرَارِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: «وَارْتِدَادُ الْأُمَّةِ جَائِزٌ عَقْلًا لَا سَمْعًا فِي الْأَصَحِّ» أَيِ: ارْتِدَادُ الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ كَفَرَةً، فِي عَصْرٍ مِنَ الْأَعْصَارِ «جَائِزٌ عَقْلًا» أَيْ: مُمْكِنٌ فِي الْعَقْلِ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ، لِأَنَّهُ لَوْ فُرِضَ تَصَوُّرُهُ لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ مُحَالٌ لِذَاتِهِ.

أَمَّا جَوَازُهُ مِنْ حَيْثُ السَّمْعِ، أَيْ: مِنْ حَيْثُ دِلَالَةِ الدَّلِيلِ السَّمْعِيِّ عَلَيْهِ، فَاخْتُلِفَ فِيهِ، فَالْأَصَحُّ كَمَا ذُكِرَ فِي «الْمُخْتَصَرِ» أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْآمِدِيِّ، لِأَنَّهَا مَعْصُومَةٌ مِنَ الْخَطَأِ بِأَدِلَّةِ الْإِجْمَاعِ السَّابِقَةِ، وَالرِّدَّةُ أَعْظَمُ الْخَطَأِ، فَتَكُونُ مَعْصُومَةً مِنْهَا، فَلَا يَجُوزُ عَلَيْهَا، وَثَمَّ أَحَادِيثُ أُخَرُ تُؤَكِّدُ ذَلِكَ.

مِنْهَا: مَا رَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِذَا فَسَدَ أَهْلُ الشَّامِ، فَلَا خَيْرَ فِيكُمْ، لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي مَنْصُورِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>