للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مَقْصُودًا لِلْمُتَكَلِّمِ، أَوْ لَا.

فَإِنْ كَانَ مَقْصُودًا، فَإِنْ تَوَقَّفَ صِدْقُ الْمُتَكَلِّمِ، أَوْ صِحَّةُ الْمَلْفُوظِ بِهِ عَلَيْهِ ; فَهِيَ دَلَالَةُ الِاقْتِضَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ، فَإِنْ كَانَ مَفْهُومًا فِي مَحَلِّ النُّطْقِ ; فَهِيَ دَلَالَةُ التَّنْبِيهِ وَالْإِيمَاءِ، وَإِلَّا ; فَدَلَالَةُ الْمَفْهُومِ.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَدْلُولُهُ مَقْصُودًا لِلْمُتَكَلِّمِ ; فَهِيَ دَلَالَةُ الْإِشَارَةِ.

قُلْتُ: فَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَ الْإِيمَاءِ وَالْإِشَارَةِ، وَالْأَمْرُ قَرِيبٌ ; لِأَنَّ غَالِبَ هَذِهِ الْمُسَمَّيَاتِ يَجْمَعُهَا مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا، مِنْ أَنَّهَا مَفْهُومَةٌ مِنْ غَيْرِ التَّصْرِيحِ ; فَهِيَ مِنْ بَابِ دَلَالَةِ الِالْتِزَامِ.

قَوْلُهُ: " وَتَتَفَاوَتُ مَرَاتِبُهُ "، أَيْ: مَرَاتِبُ اللَّحْنِ، وَفَحْوَى الْخِطَابِ ; لِأَنَّا قَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ إِفْهَامُ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ، وَإِفْهَامُ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ، قَدْ يَكُونُ بَعْضُهُ أَدَلَّ مِنْ بَعْضٍ، وَأَلْزَمَ لِمَدْلُولِ الصَّرِيحِ مِنْ بَعْضٍ.

قَوْلُهُ: «وَهُوَ» ، يَعْنِي لَحْنَ الْخِطَابِ وَفَحْوَاهُ، «عَلَى أَضْرُبٍ: الْأَوَّلُ: الْمُقْتَضَى» - بِفَتْحِ الضَّادِ - أَيْ: الَّذِي يَقْتَضِيهِ صِحَّةُ الْكَلَامِ وَيَطْلُبُهُ، «وَهُوَ الْمُضْمَرُ الضَّرُورِيُّ» ، أَيِ: الَّذِي تَدْعُو الضَّرُورَةُ إِلَى إِضْمَارِهِ، وَتَقْدِيرِهِ فِي اللَّفْظِ، وَالضَّرُورَةُ تَدْعُو إِلَى إِضْمَارِهِ لِوُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: «صِدْقُ الْمُتَكَلِّمِ، نَحْوَ: لَا عَمَلَ إِلَّا بِنِيَّةٍ أَيْ» : لَا عَمَلَ «صَحِيحٌ» إِلَّا بِنِيَّةٍ، إِذْ لَوْلَا ذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ صِدْقًا ; لِأَنَّ صُورَةَ الْأَعْمَالِ كُلِّهَا، كَالصَّلَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ يُمْكِنُ وُجُودُهَا بِلَا نِيَّةٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>