للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الثَّانِي: فَتُقَدَّمُ الْعِلَّةُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهَا عَلَى غَيْرِهَا، وَالْمَنْصُوصَةُ، عَلَى الْمُسْتَنْبَطَةِ، وَالثَّابِتَةُ عِلِّيَّتُهَا تَوَاتُرًا عَلَى الثَّابِتَةِ عِلِّيَّتُهَا آحَادًا، وَالْمُنَاسِبَةُ عَلَى غَيْرِهَا، لِاخْتِصَاصِهَا بِزِيَادَةِ الْقَبُولِ فِي الْعُقُولِ، وَالنَّاقِلَةُ عَلَى الْمُقَرِّرَةِ، وَالْحَاظِرَةُ عَلَى الْمُبِيحَةِ، وَمُسْقِطَةُ الْحَدِّ وَمُوجِبَةُ الْعِتْقِ وَالْأَخَفُّ حُكْمًا عَلَى خِلَافٍ فِيهِ، كَالْخَبَرِ، وَالْوَصْفِيَّةِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهَا عَلَى الِاسْمِيَّةِ، وَالْمَرْدُودَةُ إِلَى أَصْلٍ قَاسَ الشَّارِعُ عَلَيْهِ عَلَى غَيْرِهَا، كَقِيَاسِ الْحَجِّ عَلَى الدَّيْنِ، وَالْقُبْلَةِ عَلَى الْمَضْمَضَةِ، وَالْمُطَّرِدَةِ عَلَى غَيْرِهَا إِنْ قِيلَ بِصِحَّتِهَا، وَالْمُنْعَكِسَةِ عَلَى غَيْرِهَا إِنْ اشْتُرِطَ الْعَكْسُ، إِذِ انْتِفَاءُ الْحُكْمِ عِنْدَ انْتِفَائِهَا يَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ اخْتِصَاصِهَا بِالتَّأْثِيرِ، فَتَصِيرُ كَالْحَدِّ مَعَ الْمَحْدُودِ وَالْعَقْلِيَّةِ مَعَ الْمَعْلُولِ.

ــ

«وَأَمَّا الثَّانِي» : يَعْنِي تَرْجِيحَ الْقِيَاسِ مِنْ جِهَةِ عِلَّتِهِ فَمِنْ وُجُوهٍ:

الْأَوَّلُ: تُرَجَّحُ «الْعِلَّةُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهَا عَلَى غَيْرِ» الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا، أَيْ: إِذَا ظَهَرَ فِي الْأَصْلِ الْوَاحِدِ وَصْفَانِ مُنَاسِبَانِ، وَقَدْ أُجْمِعَ عَلَى التَّعْلِيلِ بِأَحَدِهِمَا، وَاخْتُلِفَ فِي التَّعْلِيلِ بِالْآخَرِ، فَالتَّعْلِيلُ بِالْوَصْفِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ رَاجِحٌ لِقُوَّةِ مُسْتَنَدِهَا، وَهُوَ الْإِجْمَاعُ، وَهُوَ كَمَا لَوِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ عَلَى قَوْلَيْنِ ; وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعَصْرِ الثَّانِي عَلَى أَحَدِهِمَا ; تَعَيَّنَ وَلَمْ يَجُزِ الْأَخْذُ بِغَيْرِهِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: تُرَجَّحُ الْعِلَّةُ «الْمَنْصُوصَةُ عَلَى الْمُسْتَنْبَطَةِ» أَيْ: الَّتِي تَثْبُتُ عِلَّتُهَا بِالنَّصِّ عَلَى الَّتِي ثَبَتَتْ عِلَّتُهَا بِالِاسْتِنْبَاطِ، لِأَنَّ نَصَّ الشَّارِعِ أَوْلَى مِنِ اجْتِهَادِ الْمُجْتَهِدِ، لِعِصْمَةِ النَّصِّ دُونَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>