. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إِنْ كَانَ مُؤَثِّرًا، أَوْ مُنَاسِبًا، عُلِّلَ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا. وَمَنْ أَرَادَ الِاسْمَ الَّذِي هُوَ اللَّفْظُ، لَمْ يُعَلِّلْ بِهِ قَطْعًا.
وَإِذَا كَانَ الْوَصْفُ مُنْضَبِطًا، فَالتَّعْلِيلُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنْضَبِطًا، فَهَلْ يَجُوزُ التَّعْلِيلُ بِحِكْمَتِهِ وَهِيَ الَّتِي لِأَجْلِهَا صَارَ الْوَصْفُ عِلَّةً، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: هِيَ الْغَايَةُ الْمَطْلُوبَةُ مِنَ التَّعْلِيلِ ; وَهِيَ جَلْبُ الْمَصْلَحَةِ، أَوْ دَفْعُ الْمَفْسَدَةِ، كَحِفْظِ الْمَالِ وَالْعَقْلِ وَالنَّسَبِ، الَّذِي جَعَلَ وَصْفَ السُّكْرِ وَالسَّرِقَةِ وَالزِّنَا عِلَّةً لِوُجُوبِ الْحَدِّ لِتَحْصِيلِهِ؟ فِيهِ خِلَافٌ.
حُجَّةُ مَنْ أَجَازَهُ هُوَ أَنَّ الْوَصْفَ وَسِيلَةٌ وَالْحِكْمَةَ مَقْصَدٌ، وَإِذَا جَازَ التَّعْلِيلُ بِالْوَسِيلَةِ، فَبِالْمَقْصَدِ نَفْسِهِ أَوْلَى.
حُجَّةُ مَنْ مَنَعَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَوْ جَازَ التَّعْلِيلُ بِالْحِكْمَةِ، لَامْتَنَعَ بِالْوَصْفِ، إِذِ الْأَصْلُ لَا يُعْدَلُ عَنْهُ إِلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِهِ، وَالْحِكْمَةُ لَيْسَتْ مُتَعَذِّرَةً، لَكِنْ قَدْ جَازَ التَّعْلِيلُ بِالْوَصْفِ مَعَ وُجُودِ الْحِكْمَةِ وَإِمْكَانِ اعْتِبَارِهَا اتِّفَاقًا، فَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَجُوزَ التَّعْلِيلُ بِالْحِكْمَةِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: لَوْ جَازَ التَّعْلِيلُ بِالْحِكْمَةِ، لَزِمَ تَخَلُّفُ الْحُكْمِ عَنْ عِلَّتِهِ، وَهُوَ نَقْضٌ لَهَا، وَخِلَافُ الْأَصْلِ، وَهُوَ بَاطِلٌ.
وَبَيَانُ ذَلِكَ بِمِثَالَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ وَصْفَ الرِّضَاعِ سَبَبُ تَحْرِيمِ النِّكَاحِ، وَحِكْمَتُهُ صَيْرُورَةُ جُزْءِ الْمُرْضِعَةِ - وَهُوَ لَبَنُهَا - جُزْءًا لِلرَّضِيعِ أَشْبَهَ مِنْهُ الَّذِي صَارَ جُزْءًا لِوَلَدِهَا الْحَقِيقِيِّ، فَحَرُمَ عَلَيْهَا الرَّضِيعُ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ، وَهَذَا سِرُّ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute