. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَأَمَّا مَعْنَى الْإِخْبَارِ، فَهُوَ أَنَّ الشَّرْعَ بِوَضْعِ هَذِهِ الْأُمُورِ أَخْبَرَنَا بِوُجُودِ أَحْكَامِهِ أَوِ انْتِفَائِهَا عِنْدَ وُجُودِ تِلْكَ الْأُمُورِ أَوِ انْتِفَائِهَا، فَكَأَنَّهُ قَالَ مَثَلًا: إِذَا وُجِدَ النِّصَابُ الَّذِي هُوَ سَبَبُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَالْحَوْلُ الَّذِي هُوَ شَرْطُهُ، فَاعْلَمُوا أَنِّي أَوْجَبْتُ عَلَيْكُمْ أَدَاءَ الزَّكَاةِ، وَإِنْ وُجِدَ الدَّيْنُ الَّذِي هُوَ مَانِعٌ مِنْ وُجُوبِهَا، أَوِ انْتَفَى السَّوْمُ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ لِوُجُوبِهَا فِي السَّائِمَةِ، فَاعْلَمُوا أَنِّي لَمْ أُوجِبْ عَلَيْكُمُ الزَّكَاةَ.
وَكَذَا الْكَلَامُ فِي الْقِصَاصِ، وَالسَّرِقَةِ، وَالزِّنَى، وَكَثِيرٍ مِنَ الْأَحْكَامِ، بِالنَّظَرِ إِلَى وُجُودِ أَسْبَابِهَا وَشُرُوطِهَا، وَانْتِفَاءِ مَوَانِعِهَا، وَعَكْسِ ذَلِكَ.
عُدْنَا إِلَى الْكَلَامِ عَلَى أَلْفَاظِ «الْمُخْتَصَرِ» .
قَوْلُهُ: «خِطَابُ الْوَضْعِ، مَا اسْتُفِيدَ بِوَاسِطَةِ نَصْبِ الشَّارِعِ عَلَمًا مُعَرِّفًا لِحُكْمِهِ لِتَعَذُّرِ مَعْرِفَةِ خِطَابِهِ فِي كُلِّ حَالٍ» .
قُلْتُ: قَدْ سَبَقَ بَيَانُ مَعْنَى الْخِطَابِ وَالْوَضْعِ، وَمَعْنَى كَوْنِ هَذَا خِطَابُ وَضْعٍ.
وَمَعْنَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ التَّكْلِيفَ بِالشَّرِيعَةِ لَمَّا كَانَ دَائِمًا إِلَى انْقِضَاءِ الْوُجُودِ بِقِيَامِ السَّاعَةِ، كَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، وَكَانَ خِطَابُ الشَّارِعِ مِمَّا يَتَعَذَّرُ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ سَمَاعُهُ وَمَعْرِفَتُهُ فِي كُلِّ حَالٍ عَلَى تَعَاقُبِ الْأَعْصَارِ وَتَعَدُّدِ الْأُمَمِ وَالْقُرُونِ، لِأَنَّ الشَّارِعَ إِمَّا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَخِطَابُهُ لَا يَعْرِفُهُ الْمُكَلَّفُونَ إِلَّا بِوَاسِطَةِ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ الْمَلَائِكَةِ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ، أَوِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى النَّاسِ، وَهُوَ غَيْرُ مُخَلَّدٍ فِي الدُّنْيَا حَتَّى يُعْرَفَ خِطَابُ اللَّهِ تَعَالَى وَأَحْكَامُهُ فِي الْحَوَادِثِ بِوَاسِطَتِهِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute