ثُمَّ هُنَا مَسَائِلُ: الْأُولَى: الْأَمْرُ الْمُجَرَّدُ عَنْ قَرِينَةٍ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، وَبَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ ; وَعِنْدَ بَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ النَّدْبَ حَمْلًا لَهُ عَلَى مُطْلَقِ الرُّجْحَانِ، وَنَفْيًا لِلْعِقَابِ بِالِاسْتِصْحَابِ، وَقِيلَ: الْإِبَاحَةَ لِتَيَقُّنِهَا.
وَقِيلَ: الْوَقْفَ لِاحْتِمَالِهِ كُلَّ مَا اسْتُعْمِلَ فِيهِ وَلَا مُرَجِّحَ.
لَنَا: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النُّورِ: ٦٣] ، {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ} [الْمُرْسَلَاتِ: ٤٨] ، ذَمَّهُمْ وَذَمَّ إِبْلِيسَ عَلَى مُخَالَفَةِ الْأَمْرِ الْمُجَرَّدِ، وَدَعْوَى قَرِينَةِ الْوُجُوبِ، وَاقْتِضَاءُ تِلْكَ اللُّغَةِ لَهُ دُونَ هَذِهِ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ ; وَإِنَّ السَّيِّدَ لَا يُلَامُ عَلَى عِقَابِ عَبْدِهِ عَلَى مُخَالَفَةِ مُجَرَّدِ أَمْرِهِ بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ.
ــ
«ثُمَّ هُنَا» ، أَيْ: فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَمْرِ «مَسَائِلُ» :
الْأُولَى: الْأَمْرُ الْمُجَرَّدُ عَنْ قَرِينَةٍ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ «، إِلَى آخِرِهِ.
اعْلَمْ أَنَّ الْأَمْرَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُقْتَرِنًا أَوْ مُجَرَّدًا، فَإِنْ كَانَ مُقْتَرِنًا بِقَرِينَةٍ، تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْوُجُوبُ، أَوِ النَّدْبُ، أَوِ الْإِبَاحَةُ، حُمِلَ عَلَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْقَرِينَةُ، وَإِنْ كَانَ مُجَرَّدًا عَنْ قَرِينَةٍ ; فَهُوَ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْفُقَهَاءِ الْأَرْبَعَةِ، وَبَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ، كَأَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ وَالْجِبَائِيِّ، وَعِنْدَ بَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ يَقْتَضِي النَّدْبَ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي هَاشِمٍ، وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ» حَمْلًا لَهُ «، أَيْ: لِلْأَمْرِ» عَلَى مُطْلَقِ الرُّجْحَانِ، وَنَفْيًا لِلْعِقَابِ بِالِاسْتِصْحَابِ «، هَذَا تَوْجِيهُ قَوْلِ هَؤُلَاءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute