للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ الْأَمْرَ وَرَدَ تَارَةً لِلْوُجُوبِ كَمَا فِي الْمَكْتُوبَةِ، وَتَارَةً لِلنَّدْبِ كَمَا فِي صَلَاةِ الضُّحَى، وَالْمَجَازُ وَالِاشْتِرَاكُ خِلَافُ الْأَصْلِ ; فَوَجَبَ جَعْلُهُ حَقِيقَةً فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ، وَهُوَ مُطْلَقُ رُجْحَانِ الْفِعْلِ.

وَأَمَّا الْعِقَابُ عَلَى التَّرْكِ ; فَيَنْتَفِي بِالِاسْتِصْحَابِ، أَيْ: اسْتِصْحَابِ حَالِ عَدَمِهِ، وَهُوَ كَوْنُ الْأَصْلِ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْهُ.

هَكَذَا وَقَعَ فِي» الْمُخْتَصَرِ «، وَالْأَوْلَى أَنَّ مَنْ جَعَلَ الْأَمْرَ لِلنَّدْبِ، يَجْعَلُ نَفْيَ الْعِقَابِ عَلَى التَّرْكِ، مُسْتَفَادًا مِنْ لَفْظِ النَّدْبِ ; لِأَنَّ حَقِيقَتَهُ مُرَكَّبَةٌ مِنْ رُجْحَانِ الْفِعْلِ، وَجَوَازِ التَّرْكِ. وَإِذَا جُعِلَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ، كَانَ نَفْيُ الْعِقَابِ مُسْتَفَادًا مِنِ اسْتِصْحَابِ الْحَالِ، كَمَا ذَكَرْنَا. وَهَذَانِ مَذْهَبَانِ، وَتَوْجِيهُهُمَا مَا ذُكِرَ، إِلَّا مِنْ جِهَةِ هَذَا الْفَرْقِ.

قَوْلُهُ:» وَقِيلَ: الْإِبَاحَةُ «، أَيْ: وَقِيلَ: مُقْتَضَى الْأَمْرِ الْمُجَرَّدِ الْإِبَاحَةُ» لِتَيَقُّنِهَا «، أَيْ: أَنَّ الْأَمْرَ قَدِ اسْتُعْمِلَ فِي الْوُجُوبِ، وَالنَّدْبِ، وَالْإِبَاحَةِ، وَهِيَ الْمُتَيَقَّنَةُ ; فَلْيَكُنِ الْأَمْرُ حَقِيقَةً فِيهَا، وَيَقِفُ حَمْلُهُ عَلَى خُصُوصِيَّةِ النَّدْبِ، أَوِ الْوُجُوبِ عَلَى الدَّلِيلِ ; لِأَنَّهُمَا مَشْكُوكٌ فِيهِمَا ; فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهِمَا بِالشَّكِّ، وَلِأَنَّ جَوَازَ الْإِقْدَامِ هُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ ; فَلْيَكُنِ الْأَمْرُ حَقِيقَةً فِيهِ، وَهُوَ الْإِبَاحَةُ، دَفْعًا لِلْمَجَازِ وَالِاشْتِرَاكِ.

- قَوْلُهُ:» وَقِيلَ: الْوَقْفَ «، أَيْ: وَقِيلَ: الْأَمْرُ يَقْتَضِي الْوَقْفَ، أَوْ حُكْمُهُ الْوَقْفُ،» لِاحْتِمَالِهِ كُلَّ مَا اسْتُعْمِلَ فِيهِ مِنْ إِبَاحَةٍ، وَنَدْبٍ، وَوُجُوبٍ، وَلَا مُرَجِّحَ «لِبَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ ; فَيَجِبُ الْوَقْفُ عَلَى الْمُرَجِّحِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَشْعَرِيِّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>