للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ. وَقَدْ شَذَّ عَنِّي الْآنَ مَا أَرَدْتُ بِهِ عِنْدَ الِاخْتِصَارِ، لَكِنَّ الْمُرَادَ بِهِ لَا يَخْرُجُ عَنِ الْمَعْنَيَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ قَدْ وَقَعَ فِي الشَّرْعِ، وَاتَّفَقْنَا عَلَى وُجُوبِهِ، حَيْثُ قَيَّدْنَا مُطْلَقَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْمُدَايَنَةِ: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الْبَقَرَةِ: ٢٨٢] ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْمُرَاجَعَةِ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطَّلَاقِ: ٢] ، وَحَيْثُ وَجَبَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ; فَلْيَجِبْ فِي نَظَائِرِهَا، إِذْ حُكْمُ الْأَمْثَالِ وَاحِدٌ.

قُلْتُ: مَأْخَذُ الْخِلَافِ هَاهُنَا: أَنَّ إِطْلَاقَ الْمُتَكَلِّمِ فِي مَوْضِعٍ، وَتَقْيِيدَهُ فِي آخَرَ، هَلْ هُوَ ظَاهِرٌ فِي إِرَادَتِهِ تَقْيِيدُ الْمُطْلَقِ، بِنَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ قَاعِدَةِ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَأَنَّهُمْ يُطْلِقُونَ فِي مَوْضِعٍ اتِّكَالًا عَلَى مَا قَيَّدُوهُ فِي غَيْرِهِ، أَوْ هُوَ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ إِرَادَتِهِ التَّقْيِيدَ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ التَّقْيِيدَ، لَقَيَّدَ، وَهُوَ اسْتِدْلَالٌ يَقْرُبُ مِنْ دَلَالَةِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ ; لِأَنَّ الْقَائِلَ يَقُولُ: لَمَّا قَيَّدَ الرَّقَبَةَ فِي الْقَتْلِ، دُونَ الظِّهَارِ، دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ فِيهَا الْإِيمَانَ، وَإِلَّا لَقَيَّدَ فِيهَا، كَمَا قَيَّدَ فِي الْقَتْلِ. وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ اسْتِدْلَالٌ بِالسُّكُوتِ عَنْ تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ، وَفِيهِ مَا فِيهِ، وَالْبَحْثُ مُتَقَابِلٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ.

قَوْلُهُ: «فَإِنِ اخْتَلَفَ الْحُكْمُ ; فَلَا حَمْلَ» ، إِلَى آخِرِهِ.

هَذَا هُوَ الْقَسَمُ الثَّالِثُ مِنْ أَقْسَامِ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَهُوَ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>