وَهُوَ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ خِلَافًا لِلنَّظَّامِ فِي آخَرِينَ.
لَنَا: وَجْهَانِ.
الْأَوَّلُ: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} يُوجِبُ اتِّبَاعَ سَبِيلِهِمْ، وَهُوَ دَوْرِيٌّ {جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} أَيْ: عُدُولًا {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} وَالْعَدْلُ لَا سِيَّمَا بِتَعْدِيلِ الْمَعْصُومِ لَا يَصْدُرُ عَنْهُ إِلَّا حَقٌّ، فَالْإِجْمَاعُ حَقٌّ.
الثَّانِي: مَا تَوَاتَرَ التَّوَاتُرَ الْمَعْنَوِيَّ مِنْ نَحْوِ: «أُمَّتِي لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ» ، «مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ» حَتَّى صَارَ كَشَجَاعَةِ عَلِيٍّ وَجُودِ حَاتِمٍ.
وَيَرِدُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهَا ظَوَاهِرُ، وَعَلَى الثَّانِي مَنْعُ التَّوَاتُرِ بِدَعْوَى الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا شُبِّهَ بِهِ، ثُمَّ الِاسْتِدْلَالُ بِعُمُومِهِ وَهُوَ ظَنِّيٌّ إِذْ يَحْتَمِلُ: لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالِةِ الْكُفْرِ، وَالْأَجْوَدُ أَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْقَاطِعِ إِجْمَاعًا، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَاطِعًا لَتَعَارَضَ الْإِجْمَاعَانِ، أَعْنِي الْإِجْمَاعَ عَلَى تَقْدِيمِهِ، وَالْإِجْمَاعَ عَلَى أَنْ لَا يُقَدَّمَ عَلَى الْقَاطِعِ غَيْرُهُ، وَلِلنَّظَّامِ مَنْعُ الْأُولَى.
ــ
قَوْلُهُ: «وَهُوَ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ، خِلَافًا لِلنَّظَّامِ فِي آخَرِينَ» يَعْنِي: الْإِجْمَاعُ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ، يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، خِلَافًا لِلنَّظَّامِ بِتَشْدِيدِ الظَّاءِ وَالشِّيعَةِ وَالْخَوَارِجِ، قَالُوا: لَيْسَ بِحُجَّةٍ.
قَالَ النَّظَّامُ: الْإِجْمَاعُ كُلُّ قَوْلٍ قَامَتْ حُجَّتُهُ، وَنُسِبَ فِي ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ يَدْفَعُ بِهِ شَنَاعَةَ قَوْلِهِ: إِنَّ الْإِجْمَاعَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute