للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقِسْمُ الثَّالِثُ: إِثْبَاتُهَا بِالِاسْتِنْبَاطِ وَهُوَ أَنْوَاعٌ:

أَحَدُهَا: إِثْبَاتُهَا بِالْمُنَاسَبَةِ، وَهِيَ أَنْ يَقْتَرِنَ بِالْحُكْمِ وَصَفٌ مُنَاسِبٌ، وَهُوَ مَا تُتَوَقَّعُ الْمَصْلَحَةُ عَقِيبَهُ لِرَابِطٍ مَا عَقْلِيٍّ وَلَا يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ مَنْشَأً لِلْحِكْمَةِ، كَالسَّفَرِ مَعَ الْمَشَقَّةِ، فَيُفِيدُ التَّعْلِيلُ بِهِ لِإِلْفِنَا مِنَ الشَّارِعِ رِعَايَةَ الْمَصَالِحِ، وَبِالْجُمْلَةِ مَتَى أَفْضَى الْحُكْمُ إِلَى مَصْلَحَةٍ عَلَّلَ بِالْوَصْفِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهَا; ثُمَّ إِنْ ظَهَرَ تَأْثِيرُ عَيْنِهِ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ، أَوْ جِنْسِهِ بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ، فَهُوَ الْمُؤَثِّرُ كَقِيَاسِ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ فِي سُقُوطِ الصَّلَاةِ بِالْحَيْضِ لِمَشَقَّةِ التَّكْرَارِ، وَلَا يَضُرُّ ظُهُورُ مُؤَثِّرٍ آخَرَ مَعَهُ فِي الْأَصْلِ، فَيُعَلَّلُ بِالْكُلِّ كَالْحَيْضِ وَالرِّدَّةِ وَالْعِدَّةِ، يُعَلَّلُ مَنْعُ وَطْءِ الْمَرْأَةِ بِهَا، وَكَقِيَاسِ تَقْدِيمِ الْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ عَلَى تَقْدِيمِهِ فِي الْإِرْثِ، فَالْأُخُوَّةُ مُتَّحِدَةٌ نَوْعًا، وَإِنْ ظَهَرَ تَأْثِيرُ جِنْسِهِ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ كَتَأْثِيرِ الْمَشَقَّةِ فِي إِسْقَاطِ الصَّلَاةِ عَنِ الْحَائِضِ، كَالْمُسَافِرِ، فَهُوَ الْمُلَائِمُ، إِذْ جِنْسُ الْمَشَقَّةِ أَثَّرَ فِي عَيْنِ السُّقُوطِ; وَإِنْ ظَهَرَ تَأْثِيرُ جِنْسِهِ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ كَتَأْثِيرِ جِنْسِ الْمَصَالِحِ فِي جِنْسِ الْأَحْكَامِ، فَهُوَ الْغَرِيبُ.

وَقِيلَ: هَذَا هُوَ الْمُلَائِمُ; وَمَا سِوَاهُ مُؤَثِّرٌ.

ــ

«الْقِسْمُ الثَّالِثُ» :

مِنْ أَقْسَامِ إِثْبَاتِ الْعِلَّةِ: «إِثْبَاتُهَا بِالِاسْتِنْبَاطِ» ، إِذْ قَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ فِي إِثْبَاتِهَا بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ، «وَهُوَ» - يَعْنِي إِثْبَاتَهَا بِالِاسْتِنْبَاطِ - «أَنْوَاعٌ:

<<  <  ج: ص:  >  >>