للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَالثَّانِي يُعَرِّفُ حُكْمًا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، فَالْأَوَّلُ أَوْلَى، لِأَنَّهُ رَافِعٌ لِخِلَافٍ وَاقِعٍ، فَيَكُونُ أَكْثَرَ فَائِدَةً، وَهُوَ شَبِيهٌ بِتَقْدِيمِ التَّأْسِيسِ عَلَى التَّأْكِيدِ.

وَمِنْهَا: تَرْجِيحُ أَعَمِّ الْمَحْمَلَيْنِ عَلَى أَخَصِّهِمَا. وَمُثِّلَ بُقُولِهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [الْمَائِدَةِ: ٣] ، فَحَمْلُ الدَّمِ عَلَى مَا يَعُمُّ دَمَ الْجَنِينِ الْخَارِجِ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ مَيِّتًا، أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى مَا يُخْرِجُهُ مِنَ الْعُمُومِ، لِأَنَّ أَعَمَّ الْمَحْمَلَيْنِ أَعَمُّ فَائِدَةً.

قُلْتُ: هَذَا جِيدٌ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ خَصُّوا الْجَنِينَ الْمَذْكُورَ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ بِالرَّفْعِ، وَهُوَ أَشْهَرُ فِي الرِّوَايَةِ، وَأَوْفَقُ لِرَأْيِ سِيبَوَيْهِ فِي الْعَرَبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ النَّصْبِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَكَاةَ الْأُمِّ مُجْزِئَةٌ عَنْ ذَكَاةِ الْجَنِينِ.

الْبَابُ الثَّالِثُ: فِي تَرْجِيحِ الْأَقْيِسَةِ عَلَى النُّصُوصِ.

فَمِنْهَا: إِذَا تَعَارَضَ الْقِيَاسُ وَالْعَامُّ الْمَخْصُوصُ، فَالتَّرْجِيحُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْعَامَّ الْمَخْصُوصَ يَبْقَى حُجَّةً وَحَقِيقَةً فِي الْبَاقِي أَمْ لَا؟ إِنْ قُلْنَا: يَبْقَى حُجَّةً ; قُدِّمَ عَلَى الْقِيَاسِ، وَعَلَى مَذْهَبِ عِيسَى بْنِ أَبَانٍ وَأَصْحَابِهِ يُقَدَّمُ الْقِيَاسُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>