الثَّانِي: الْآحَادُ، وَهُوَ مَا عَدِمَ شُرُوطَ التَّوَاتُرِ أَوْ بَعْضَهَا. وَعَنْ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي حُصُولِ الْعِلْمِ بِهِ، قَوْلَانِ:
الْأَظْهَرُ: لَا. وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ.
وَالثَّانِي: نَعَمْ. وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ. وَقِيلَ: مَحْمُولٌ عَلَى مَا نَقَلَهُ آحَادُ الْأَئِمَّةِ الْمُتَّفَقِ عَلَى عَدَالَتِهِمْ وَثِقَتِهِمْ وَإِتْقَانِهِمْ مِنْ طُرُقٍ مُتَسَاوِيَةٍ، وَتَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ، كَأَخْبَارِ الشَّيْخَيْنِ: الصِّدِّيقِ، وَالْفَارُوقِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَنَحْوِهِمَا.
ــ
قَوْلُهُ: «الثَّانِي» ، أَيِ: الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ قِسْمَيِ الْخَبَرِ: «الْآحَادُ» .
قَوْلُهُ: «وَهُوَ: مَا عَدِمَ شُرُوطَ التَّوَاتُرِ أَوْ بَعْضَهَا» ، هَذَا تَعْرِيفٌ لِخَبَرِ الْوَاحِدِ، أَيْ: هُوَ مَا فُقِدَتْ فِيهِ شُرُوطُ التَّوَاتُرِ، بِأَنْ كَانَ إِخْبَارًا عَنْ غَيْرِ مَحْسُوسٍ، أَوْ رِوَايَةً مِمَّنْ يَجُوزُ الْكَذِبُ عَلَيْهِ عَادَةً ; لِكَوْنِهِ وَاحِدًا فِي الْحَقِيقَةِ، أَوْ جَمَاعَةً لَا يَمْتَنِعُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ عَادَةً، أَوْ كَانُوا مِمَّنْ يَسْتَحِيلُ مِنْهُمُ الْكَذِبُ عَادَةً، لَكِنَّ فِي بَعْضِ طَبَقَاتِهِ دُونَ الْبَعْضِ.
وَالْآحَادُ فِي الْحَقِيقَةِ جَمْعٌ وَاحِدٌ، وَإِنَّمَا قِيلَ لِلْخَبَرِ: آحَادٌ ; لِأَنَّهُ رِوَايَةُ الْآحَادِ ; فَهُوَ إِمَّا مِنْ بَابِ حَذْفِ الْمُضَافِ، أَوْ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْأَثَرِ بِاسْمِ الْمُؤَثِّرِ مَجَازًا ; لِأَنَّ الرِّوَايَةَ أَثَرُ الرَّاوِي.
قَوْلُهُ: «وَعَنْ أَحْمَدَ فِي حُصُولِ الْعِلْمِ بِهِ» ، أَيْ: بِخَبَرِ الْآحَادِ «قَوْلَانِ: الْأَظْهَرُ» ، أَيْ: مِنَ الْقَوْلَيْنِ، «لَا يَحْصُلُ بِهِ الْعِلْمُ» ، «وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ» ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَالْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا. وَ «الثَّانِي» يَعْنِي: مِنَ الْقَوْلَيْنِ: «يَحْصُلُ بِهِ الْعِلْمُ» ، «وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ» ، قَالَ الْآمِدِيُّ: وَبَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute