. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قَوْلُهُ: «وَقِيلَ: مَحْمُولٌ» ، أَيْ: وَقِيلَ: الْقَوْلُ بِأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ يُفِيدُ الْعِلْمَ «مَحْمُولٌ عَلَى مَا نَقَلَهُ آحَادُ الْأَئِمَّةِ الْمُتَّفَقِ عَلَى عَدَالَتِهِمْ وَثِقَتِهِمْ وَإِتْقَانِهِمْ، مِنْ طُرُقٍ مُتَسَاوِيَةٍ، وَتَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ، كَأَخْبَارِ الشَّيْخَيْنِ» يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَنَحْوِهِمَا مِمَّنْ فِي عَصْرِهِمَا، وَبَعْدِهِمَا.
قُلْتُ: هَذَا تَأْوِيلٌ مِنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لِقَوْلِ أَحْمَدَ: إِنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ يُفِيدُ الْعِلْمَ، وَالَّذِي رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ فِي هَذَا، أَنَّهُ قَالَ فِي أَخْبَارِ الرُّؤْيَةِ: يُقْطَعُ عَلَى الْعِلْمِ بِهَا ; فَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى عُمُومِ خَبَرِ الْوَاحِدِ، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ كَمَا ذَكَرْنَا، وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَخْبَارٍ مَخْصُوصَةٍ، كَثُرَتْ رُوَاتُهَا، وَتَلَقَّتْهَا الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ، وَدَلَّتِ الْقَرَائِنُ عَلَى صِدْقِ نَاقِلِهَا ; فَيَكُونُ إِذًا مِنَ التَّوَاتُرِ.
فَحَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ نَفَى حُصُولَ الْعِلْمِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَهُ، ثُمَّ الْمُثْبِتُونَ: مِنْهُمْ مَنْ طَرَدَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ أَخْبَارِ الْآحَادِ، وَلَمْ يَخُصَّهُ بِوَاحِدٍ مُعَيَّنٍ، كَبَعْضِ أَهْلِ الظَّاهِرِ. وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّهُ بِأَخْبَارِ بَعْضِ الْآحَادِ، كَالشَّيْخَيْنِ وَنَحْوِهِمَا، أَوْ بِبَعْضِ أَخْبَارِ الْآحَادِ، كَأَخْبَارِ الرُّؤْيَةِ، وَالْقَدَرِ، وَالْجِهَةِ، وَالشَّفَاعَةِ، وَنَحْوِهَا. وَاخْتَارَ الْآمِدِيُّ أَنَّهُ إِنَّمَا يُفِيدُ الْعِلْمَ مَعَ الْقَرَائِنِ، لَا بِدُونِهَا، كَمَا سَبَقَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute