للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَوَّلُونَ: لَوْ أَفَادَ الْعِلْمَ لَصَدَّقْنَا كُلَّ خَبَرٍ نَسْمَعُهُ، وَلَمَا تَعَارَضَ خَبَرَانِ، وَلَجَازَ نَسْخُ الْقُرْآنِ وَتَوَاتُرُ السُّنَّةِ بِهِ، وَلَجَازَ الْحُكْمُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ، وَلَاسْتَوَى الْعَدْلُ وَالْفَاسِقُ، كَالتَّوَاتُرِ. وَاللَّوَازِمُ بَاطِلَةٌ، وَالِاحْتِجَاجُ بِنَحْوِ: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} غَيْرُ مُجْدٍ، لِجَوَازِ ارْتِكَابِ الْمُحَرَّمِ.

ــ

قَوْلُهُ: «الْأَوَّلُونَ» ، أَيْ: احْتَجَّ الْأَوَّلُونَ، وَهُمُ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ بِوُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: لَوْ أَفَادَ خَبَرُ الْوَاحِدِ الْعِلْمَ، لَصَدَّقْنَا كُلَّ خَبَرٍ نَسْمَعُهُ، لَكِنَّا لَا نُصَدِّقُ كُلَّ خَبَرٍ نَسْمَعُهُ ; فَهُوَ لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ. وَالْمُلَازِمَةُ وَانْتِفَاءُ اللَّازِمِ - وَهُوَ تَصْدِيقُنَا كُلَّ خَبَرٍ نَسْمَعُهُ - ظَاهِرَانِ، غَنِيَّانِ عَنِ الْبَيَانِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: لَوْ أَفَادَ خَبَرُ الْوَاحِدِ الْعِلْمَ، لَمَا تَعَارَضَ خَبَرَانِ ; لِأَنَّ الْعِلْمَيْنِ لَا يَتَعَارَضَانِ، كَمَا لَا تَتَعَارَضُ أَخْبَارُ التَّوَاتُرِ، لَكِنَّا رَأَيْنَا التَّعَارُضَ كَثِيرًا فِي أَخْبَارِ الْآحَادِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَا تُفِيدُ الْعِلْمَ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: لَوْ أَفَادَ خَبَرُ الْوَاحِدِ الْعِلْمَ، لَجَازَ نَسْخُ الْقُرْآنِ وَتَوَاتُرُ السُّنَّةِ بِهِ ; لِأَنَّهُ عِلْمِيٌّ مِثْلُهُمَا، لَكِنَّ نَسْخَ الْقُرْآنِ وَتَوَاتُرَ السُّنَّةِ بِهِ لَا يَجُوزُ، لِضَعْفِهِ عَنْهُمَا ; فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ.

فَأَمَّا اخْتِيَارُنَا لِنَسْخِ الْقُرْآنِ، وَتَوَاتُرِ السُّنَّةِ بِهِ فِي كِتَابِ النَّسْخِ ; فَذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْقَدْرِ الْمُشْتَرِكِ بَيْنَهُمَا مِنَ الظَّنِّ، الَّذِي هُوَ مَنَاطُ الْعَمَلِ. أَمَّا مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ مُسَاوِيهِمَا فِي الْقُوَّةِ أَوْ كَوْنُ ذَلِكَ جَائِزًا فِي الْمُنَاسَبَةِ الْحُكْمِيَّةِ ; فَلَا.

الْوَجْهُ الرَّابِعُ: لَوْ أَفَادَ خَبَرُ الْوَاحِدِ الْعِلْمَ، لَجَازَ الْحُكْمُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ، وَلَمْ يَحْتَجْ

<<  <  ج: ص:  >  >>