. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْمَسْأَلَةُ «الرَّابِعَةُ: لَا تُقْبَلُ رِوَايَةُ مَجْهُولِ الْعَدَالَةِ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ» عَنْ أَحْمَدَ، «وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَتُقْبَلُ فِي» الْقَوْلِ «الْآخَرِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ» ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ رِوَايَةُ مَجْهُولِ الْحَالِ، فِي الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ الْأُخَرِ، وَهِيَ: الْإِسْلَامُ، وَالتَّكْلِيفُ، وَالضَّبْطُ.
قَوْلُهُ: «وَحَرْفُ الْمَسْأَلَةِ» ، إِلَى آخِرِهِ، هَذَا مَأْخَذٌ كُلِّيٌّ مُخْتَصَرٌ لِلْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ أَنَّ شَرْطَ قَبُولِ الرِّوَايَةِ، هَلْ هُوَ الْعِلْمُ بِالْعَدَالَةِ، أَوْ عَدَمُ الْعِلْمِ بِالْفِسْقِ؟
فَإِنْ قُلْنَا: شَرْطُ الْقَبُولِ الْعِلْمُ بِعَدَالَةِ الرَّاوِي، لَمْ تُقْبَلْ رِوَايَةُ الْمَجْهُولِ؛ لِأَنَّ عَدَالَتَهُ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: فَلَا تُقْبَلُ لِلْجَهْلِ بِهَا.
وَإِنْ قُلْنَا: شَرْطُ الْقَبُولِ عَدَمُ الْعِلْمِ بِالْفِسْقِ، قُبِلَتْ رِوَايَةُ الْمَجْهُولِ، لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِفِسْقِهِ، وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: «فَتُقْبَلُ لِعَدَمِهِ هَهُنَا» .
قُلْتُ: هَذَا الْكَلَامُ يُشِيرُ بِهِ إِلَى إِثْبَاتِ وَاسِطَةٍ بَيْنَ الْعَدَالَةِ وَالْفِسْقِ، وَهَذَا مَوْضِعٌ يَحْتَاجُ إِلَى تَحْقِيقٍ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَدَالَةَ وَالْفِسْقَ؛ إِمَّا أَنْ نَعْتَبِرَهُمَا بِحَسْبِ نَفْسِ الْأَمْرِ وَبَاطِنِهِ؛ فِيمَا بَيْنَ الْمُكَلَّفِ وَرَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، أَوْ بِحَسْبِ مَا يَظْهَرُ مِنْ أَفْعَالِهِ وَحَرَكَاتِهِ، الدَّالَّةِ عَادَةً عَلَى بَاطِنِ أَمْرِهِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
وَمَهْمَا تَكُنْ عِنْدَ امْرِئٍ مِنْ خَلِيقَةٍ ... وَإِنْ خَالَهَا تَخَفَى عَلَى النَّاسِ تُعْلَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute