للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّامِنَةُ: الْأَمْرُ لِجَمَاعَةٍ يَقْتَضِي وُجُوبَهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَّا لِدَلِيلٍ، أَوْ يَكُونُ الْخِطَابُ بِلَفْظٍ لَا يَعُمُّ، نَحْوَ: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ} [آلِ عِمْرَانَ: ١٠٤] ; فَيَكُونُ فَرْضَ كِفَايَةٍ، وَهُوَ مَا مَقْصُودُ الشَّرْعِ فِعْلُهُ، لِتَضَمُّنِهِ مَصْلَحَةً، لَا تَعَبُّدُ أَعْيَانِ الْمُكَلَّفِينَ بِهِ، كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَالْجِهَادِ، لَا الْجُمُعَةِ وَالْحَجِّ، وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْجَمِيعِ، وَيَسْقُطُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ، وَاسْتِبْعَادُهُ لَا يَمْنَعُ وُقُوعَهُ، وَتَكْلِيفُ وَاحِدٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ لَا يُعْقَلُ بِخِلَافِ التَّكْلِيفِ بِهِ.

فَإِنْ قِيلَ: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} إِيجَابٌ عَلَى بَعْضٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ.

قُلْنَا: بَلْ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُنْتَدَبِ الْمُسْقِطِ لَهُ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ.

ــ

الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: الْأَمْرُ لِجَمَاعَةٍ يَقْتَضِي وُجُوبَهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، إِلَى آخِرِهِ.

اعْلَمْ أَنَّ الْأَمْرَ الْمُتَوَجِّهَ إِلَى جَمَاعَةٍ ; إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِلَفْظٍ يَقْتَضِي تَعْمِيمَهُمْ بِهِ، أَوْ لَا يَكُونَ، فَإِنْ كَانَ بِلَفْظٍ يَقْتَضِي تَعْمِيمَهُمْ، نَحْوَ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [الْبَقَرَةِ: ١١٠] ; فَإِمَّا أَنْ لَا يَعْتَرِضَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ يَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِ الْخِطَابِ بِبَعْضِهِمْ، أَوْ يَعْتَرِضَ دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَعْتَرِضْ عَلَى الْعُمُومِ دَلِيلٌ، اقْتَضَى وُجُوبَهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ; لِأَنَّ الْوَاوَ فِي افْعَلُوا كَالْوَاوِ فِي الزَّيْدُونَ وَكِلَاهُمَا لِلْجَمْعِ، ثُمَّ الْوَاوُ فِي الزَّيْدُونَ تَدُلُّ عَلَى أَشْخَاصٍ مُتَعَدِّدَةٍ، نَحْوَ: زَيْدٍ وَزَيْدٍ وَزَيْدٍ ; فَكَذَلِكَ الْوَاوُ فِي افْعَلُوا تَدُلُّ عَلَى عِدَّةِ مُخَاطَبِينَ ; فَهِيَ فِي قُوَّةِ قَوْلِهِ: افْعَلْ أَنْتَ وَأَنْتَ وَأَنْتَ، كَذَلِكَ، حَتَّى يَسْتَغْرِقَ الْمُخَاطَبِينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>