. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
احْتَجْنَا إِلَى بَيَانِ أَدِلَّةِ الشَّرْعِ الَّتِي تَثْبُتُ بِهَا الْعِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ.
وَأَدِلَّةُ الشَّرْعِ تَرْجِعُ، أَيْ: تَنْحَصِرُ فِي النَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ وَالِاسْتِنْبَاطِ، لِأَنَّ النَّصَّ يَعُمُّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، وَالِاسْتِنْبَاطُ هُوَ أَعَمُّ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ، فَانْحَصَرَتْ أَدِلَّةُ الشَّرْعِ الْمُعْتَبَرَةُ فِي ذَلِكَ، وَالْعِلَّةُ الْقِيَاسِيَّةُ يَصِحُّ إِثْبَاتُهَا بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَدِلَّةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْعِلَّةِ يَجُوزُ إِثْبَاتُهُ بِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادٍ هَذِهِ الْأَدِلَّةِ، بَلِ الْمُرَادُ إِثْبَاتُ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْعِلَّةِ بِأَدِلَّةِ الشَّرْعِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى الْبَدَلِ، أَيْ: إِذَا لَمْ يُوجَدْ فِي النَّصِّ مَا يُثْبِتُهَا، فَفِي الْإِجْمَاعِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَفِي الِاسْتِنْبَاطِ، فَمَجْمُوعُ الْأَدِلَّةِ فِي الْإِثْبَاتِ مُقَابِلٌ لِمَجْمُوعِ الْعِلَلِ، وَقَدْ بَانَ الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ.
" الْقِسْمُ الْأَوَّلُ ": يَعْنِي مِنْ أَقْسَامِ طُرُقِ إِثْبَاتِ الْعِلَّةِ:
الدَّلِيلُ النَّقْلِيُّ، وَهُوَ يَعُمُّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، " وَهُوَ " يَعْنِي إِثْبَاتَ الْعِلَّةِ أَوِ الدَّلِيلِ النَّقْلِيِّ فِي إِثْبَاتِهَا " ضَرْبَانِ ":
أَحَدُهُمَا: " صَرِيحٌ فِي التَّعْلِيلِ " أَيْ: فِي بَيَانِ كَوْنِ الْمَذْكُورِ عِلَّةً، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مَوْضُوعًا لِذَلِكَ أَوْ مَشْهُورًا فِيهِ فِي عُرْفِ اللُّغَةِ، " نَحْوَ " قَوْلِهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الْحَشْرِ: ٧] ، أَيْ: إِنَّمَا جَعَلَ مَصْرِفَهُ هَذِهِ الْجِهَاتِ لِئَلَّا يَتَدَاوَلَهُ الْأَغْنِيَاءُ قَوْمًا بَعْدَ قَوْمٍ، فَيَفُوتُ نَفْعُهُ تِلْكَ الْجِهَاتِ الْمُحْتَاجَةِ إِلَيْهِ، وَلَا يَقَعُ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ مَوْقِعَ ضَرُورَةٍ، وَكَقَوْلِهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: {فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ} [آلِ عِمْرَانَ: ١٥٣] ، أَيْ: شَغَلَ قُلُوبَكُمْ بِالْغَمِّ الْأَعْظَمِ، لِئَلَّا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ مِنَ الْغَنِيمَةِ. وَكَقَوْلِهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute