الثَّانِيَةُ: يَجُوزُ نَسْخُ التِّلَاوَةِ، وَالْحُكْمِ، وَإِحْكَامُهُمَا، وَنَسْخُ اللَّفْظِ فَقَطْ وَبِالْعَكْسِ، إِذِ اللَّفْظُ وَالْحُكْمُ عِبَادَتَانِ مُتَفَاصِلَتَانِ ; فَجَازَ نَسْخُ إِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى، وَمَنَعَ قَوْمٌ الثَّالِثَ، إِذِ اللَّفْظُ أُنْزِلَ لِيُتْلَى وَيُثَابَ عَلَيْهِ ; فَكَيْفَ يُرْفَعُ، وَآخَرُونَ الرَّابِعَ، إِذِ الْحُكْمُ مَدْلُولُ اللَّفْظِ ; فَكَيْفَ يُرْفَعُ مَعَ بَقَاءِ دَلِيلِهِ.
وَأُجِيبَ عَنِ الْأَوَّلِ: بِأَنَّ التِّلَاوَةَ حُكْمٌ، وَكُلُّ حُكْمٍ فَهُوَ قَابِلٌ لِلنَّسْخِ. وَعَنِ الثَّانِي: بِأَنَّ اللَّفْظَ دَلِيلٌ قَبْلَ النَّسْخِ لَا بَعْدَهُ. ثُمَّ قَدْ نُسِخَ لَفْظُ آيَةِ الرَّجْمِ دُونَ حُكْمِهَا، وَحُكْمُ {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} دُونَ لَفْظِهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ــ
الْمَسْأَلَةُ «الثَّانِيَةُ: يَجُوزُ نَسْخُ التِّلَاوَةِ وَالْحُكْمِ» ، أَيِ: اللَّفْظِ وَالْحُكْمِ جَمِيعًا، وَإِحْكَامُهُمَا، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، أَيْ: إِبْقَاؤُهُمَا مُحْكَمَيْنِ غَيْرَ مَنْسُوخَيْنِ، «وَنَسْخُ اللَّفْظِ فَقَطْ» دُونَ الْمَعْنَى، «وَبِالْعَكْسِ» ، أَيْ: نَسْخُ الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ، وَهَذِهِ قِسْمَةٌ رُبَاعِيَّةٌ.
قَوْلُهُ: «إِذِ اللَّفْظُ وَالْحُكْمُ» ، إِلَى آخِرِهِ. هَذَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ نَسْخِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ اللَّفْظِ وَالْحُكْمِ دُونَ الْآخَرِ.
وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ اللَّفْظَ وَالْحُكْمَ عِبَادَتَانِ مُتَفَاصِلَتَانِ، أَيْ: تَنْفَصِلُ إِحْدَاهُمَا فِي التَّعَبُّدِ بِهَا عَنِ الْأُخْرَى فِعْلًا ; فَجَازَ نَسْخُ إِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى، كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ الْمُتَفَاصِلَةِ.
وَبَيَانُ تَفَاصُلِ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى، هُوَ أَنَّ اللَّفْظَ مُتَعَبَّدٌ بِتِلَاوَتِهِ، وَالْحُكْمَ مُتَعَبَّدٌ بِامْتِثَالِهِ، وَهَذَا هُوَ مُرَادُنَا بِتَفَاصُلِهِمَا، لَا أَنَّ أَحَدَهُمَا يُمْكِنُ انْفِصَالُهُ عَنِ الْآخَرِ حِسًّا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute