التَّاسِعَةُ: مَا ثَبَتَ فِي حَقِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الْأَحْكَامِ، أَوْ خُوطِبَ بِهِ، نَحْوَ: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} [الْمُزَّمِّلِ: ١] ، تَنَاوَلَ أُمَّتَهُ، وَمَا تَوَجَّهَ إِلَى صَحَابِيٍّ تَنَاوَلَ غَيْرَهُ حَتَّى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ مُخَصِّصٌ عِنْدَ الْقَاضِي، وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَالتَّمِيمِيُّ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِمَنْ تَوَجَّهَ إِلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَعُمَّ.
لَنَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: {زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ} [الْأَحْزَابِ: ٣٧] ، وَأَيْضًا {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الْأَحْزَابِ: ٥٠] ، دَلَّ عَلَى تَنَاوُلِ الْحُكْمِ لَهُمْ لَوْلَا التَّخْصِيصُ، وَإِلَّا كَانَ عَبَثًا، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: خِطَابِي لِلْوَاحِدِ، خِطَابِي لِلْجَمَاعَةِ، وَأَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَى الرُّجُوعِ فِي الْقَضَايَا الْعَامَّةِ إِلَى قَضَايَاهُ الْخَاصَّةِ، وَلَوْلَا صِحَّةُ مَا قُلْنَاهُ، لَكَانَ خَطَأً مِنْهُمْ لِجَوَازِ اخْتِصَاصِ قَضَايَاهُ بِمَجَالِهَا، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقِي» . فِي جَوَابِ قَوْلِهِمْ لَهُ: لَسْتَ مِثْلَنَا ; فَدَلَّ عَلَى التَّسَاوِي.
قَالُوا: أَمْرُ السَّيِّدِ بَعْضَ عَبِيدِهِ يَخْتَصُّ بِهِ دُونَ بَاقِيهِمْ، وَأَمْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِعِبَادَةٍ لَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَهَا، وَالْعُمُومُ لَا يُفِيدُ الْخُصُوصَ بِمُطْلَقِهِ، فَكَذَا الْعَكْسُ، وَكَأَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ، إِذْ هَؤُلَاءِ يَتَمَسَّكُونَ بِالْمُقْتَضَى اللُّغَوِيِّ، وَالْأَوَّلُونَ بِالْوَاقِعِ الشَّرْعِيِّ.
ــ
الْمَسْأَلَةُ «التَّاسِعَةُ: مَا ثَبَتَ فِي حَقِّهِ» يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنَ الْأَحْكَامِ أَوْ «خُوطِبَ بِهِ» مِنَ الْكَلَامِ «نَحْوَ: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} [الْمُزَّمِّلِ: ١] ، {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [الْمُدَّثِّرِ: ١] ، تَنَاوَلَ أُمَّتَهُ» ، أَيْ: ثَبَتَ فِي حَقِّهِمْ مِنْهُ مَا ثَبَتَ فِي حَقِّهِ، وَكَذَلِكَ «مَا تَوَجَّهَ إِلَى صَحَابِيٍّ مِنَ الْخِطَابِ» ، تَنَاوَلَ غَيْرَهُ «مِنَ الْمُكَلَّفِينَ» ، الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ، «حَتَّى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ، أَيْ: حَتَّى إِنَّهُ يَتَنَاوَلُ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ مُخَصِّصٌ» ، يَعْنِي لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمَا ثَبَتَ فِي حَقِّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute