للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَرْجِعُ أَدِلَّةُ الشَّرْعِ إِلَى نَصٍّ، أَوْ إِجْمَاعٍ، أَوِ اسْتِنْبَاطٍ، وَتَثْبُتُ الْعِلَّةُ بِكُلٍّ مِنْهَا:

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: إِثْبَاتُهَا بِدَلِيلٍ نَقْلِيٍّ، وَهُوَ ضَرْبَانِ:

صَرِيحٌ فِي التَّعْلِيلِ نَحْوَ: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً} ، {لِكَيْ لَا تَأْسَوْا} ، لِيَعْلَمَ، {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ} ، {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا} ، إِلَّا لِنَعْلَمَ، {لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} ، «إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ» ، {لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ} ، {حَذَرَ الْمَوْتِ} .

فَإِنْ أُضِيفَ إِلَى مَا لَا يَصْلُحُ عِلَّةً، نَحْوَ: لِمَ فَعَلْتَ؟ فَيَقُولُ: لِأَنِّي أَرَدْتُ، فَهُوَ مَجَازٌ، أَمَّا نَحْوَ: " إِنَّهَا رِجْسٌ " " إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ " فَصَرِيحٌ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ، وَإِنْ لَحِقَتْهُ الْفَاءُ نَحْوَ: فَإِنَّهُ يُبْعَثُ مُلَبِّيًا فَهُوَ آكَدُ، وَإِيمَاءٌ عِنْدَ غَيْرِهِ ".

الثَّانِي: الْإِيمَاءُ وَهُوَ أَنْوَاعٌ:

أَحَدُهَا: ذِكْرُ الْحُكْمِ عَقِيبَ الْوَصْفِ بِالْفَاءِ، نَحْوَ: {قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا} ، {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا} ، «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» ، «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ» إِذِ الْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ، فَتُفِيدُ تَعَقُّبَ الْحُكْمِ الْوَصْفَ، وَأَنَّهُ سَبَبُهُ، إِذِ السَّبَبُ: مَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ عَقِيبَهُ، وَلِهَذَا تُفْهَمُ السَّبَبِيَّةُ مَعَ عَدَمِ الْمُنَاسَبَةِ، نَحْوَ: «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» ، وَكَذَلِكَ لَفَظُ الرَّاوِي نَحْوَ: سَهَا فَسَجَدَ، وَزَنَى مَاعِزٌ فَرُجِمَ. اعْتِمَادًا عَلَى فَهْمِهِ وَأَمَانَتِهِ، وَكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَاشْتَرَطَ بَعْضُهُمُ الْمُنَاسَبَةَ، وَإِلَّا لَفُهِمَ مِنْ: صَلَّى فَأَكَلَ، سَبَبِيَّةُ الصَّلَاةِ لِلْأَكْلِ.

ــ

قَوْلُهُ: " وَتَرْجِعُ أَدِلَّةُ الشَّرْعِ " إِلَى آخِرِهِ. لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ أَصْنَافِ الْقِيَاسِ مِنْ حَيْثُ الْقَطْعُ وَالظَّنُّ، وَكَانَ ذَلِكَ فِيمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ الْعِلَّةِ فِي قُوَّتِهَا وَضَعْفِهَا، وَالْقُوَّةُ وَالضَّعْفُ فِيهَا مُسْتَفَادٌ مِنْ دَلِيلِ ثُبُوتِهَا الشَّرْعِيِّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>