للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَعْنِي أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنَ التَّرْجِيحِ تَزَايُدُ الظَّنَّ بِحُصُولِ الْمَطْلُوبِ. وَفِي الْقَطْعِيَّاتِ يَكُونُ الْمَطْلُوبُ مَعْلُومًا يَقِينًا، وَلَا غَايَةَ وَرَاءَ الْيَقِينِ تُطْلَبُ، فَيَسْتَحِيلُ التَّرْجِيحُ لِعَدَمِ الْقَابِلِ لَهُ. وَهَذَا كَمَنْ يَمْشِي عَلَى جَبَلٍ، أَوْ سَطْحٍ، فَلَا يَزَالُ الْمَشْيُ مُمْكِنًا مِنْهُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى حَافَّتِهِ، فَيَسْتَحِيلُ مِنْهُ لِانْتِهَاءِ غَايَةِ الْمَشْيِ، فَلَوْ زَادَ بَعْدَ انْتِهَائِهِ إِلَى الطَّرَفِ خُطْوَةً، لَصَارَ مَشْيُهُ فِي الْهَوَاءِ، وَهُوَ مُحَالٌ، بَلْ يَقَعُ الْمَاشِي فَيَهْلِكُ، أَوْ يَتَأَذَّى.

قَوْلُهُ: «وَالْأَلْفَاظُ الْمَسْمُوعَةُ نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَيَدْخُلُهَا التَّرْجِيحُ إِذَا جُهِلَ التَّارِيخُ، أَوْ عُلِمَ، وَأَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمُتَقَابِلَيْنِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِلَّا فَالثَّانِي نَاسِخٌ» .

اعْلَمْ أَنَّهُ لَمَّا بَيَّنَ أَنَّ مَوْرِدَ التَّرْجِيحِ هُوَ الْأَلْفَاظُ الْمَسْمُوعَةُ وَالْمَعَانِي الْمَعْقُولَةُ، شَرَعَ الْآنَ يُبَيِّنُ مَا هِيَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِتَعَارُضِهَا وَالْجَمْعِ بَيْنَهَا، فَالْأَلْفَاظُ الْمَسْمُوعَةُ هِيَ نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِالِاسْتِقْرَاءِ، فَإِذَا تَعَارَضَ نَصَّانِ، فَإِمَّا،أَنْ يُجْهَلَ تَارِيخُهُمَا، أَوْ يُعْلَمُ، فَإِنْ جُهِلَ، قَدَّمْنَا الْأَرْجَحَ مِنْهُمَا بِبَعْضِ وُجُودِ التَّرْجِيحِ، وَإِنْ عُلِمَ تَارِيخُهُمَا، فَإِمَّا أَنْ يُمْكِنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْجَمْعِ، أَوْ لَا، فَإِنْ أَمْكَنَ، جُمِعَ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ يَصِحُّ الْجَمْعُ، إِذِ الْوَاجِبُ اعْتِبَارُ أَدِلَّةِ الشَّرْعِ جَمِيعِهَا مَا أَمْكَنَ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنِ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، فَالثَّانِي نَاسِخٌ إِنْ صَحَّ سَنَدُهُمَا، أَوْ أَحَدُهُمَا كَذِبٌ إِنْ لَمْ يَصِحَّ سَنَدُهُ، «إِذْ لَا تَنَاقُضَ بَيْنَ دَلِيلَيْنِ شَرْعِيَّيْنِ، لِأَنَّ الشَّارِعَ حَكِيمٌ، وَالتَّنَاقُضُ يُنَافِي الْحِكْمَةَ، فَأَحَدُ الْمُتَنَاقِضَيْنِ» يَكُونُ بَاطِلًا، إِمَّا لِكَوْنِهِ مَنْسُوخًا، أَوْ لِكَذِبِ نَاقِلِهِ، أَوْ لِخَطَئِهِ «بِوَجْهٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>