. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَكْلِيفِ بَعْضٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ ; فَاحْتَجْنَا إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ، وَذَلِكَ بِحَمْلِ الْآيَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا ; فَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَنَافُرِ الْأَدِلَّةِ، وَتَفَرُّقِهَا، وَتَنَافِيهَا، وَتَنَاقُضِهَا، بَلِ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
فَوَائِدُ تَتَعَلَّقُ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ:
إِحْدَاهُنَّ: لَا يُشْتَرَطُ فِي الْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ تَحَقُّقُ وُقُوعِهِ مِنْ بَعْضِ الطَّوَائِفِ، بَلْ أَيُّ طَائِفَةٍ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهَا أَنَّ غَيْرَهَا قَامَ بِهِ، سَقَطَ عَنْهَا، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّ كُلٍّ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ أَوِ الطَّوَائِفِ، أَنَّ الْأُخْرَى قَامَتْ بِهِ، سَقَطَ عَنِ الْجَمِيعِ، عَمَلًا بِمُوجِبِ الظَّنِّ ; لِأَنَّهُ كَمَا صَلَحَ مُثْبِتًا لِلتَّكَالِيفِ، صَلَحَ مُسْقِطًا لَهَا.
الثَّانِيَةُ: الْقَائِمُ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِ الْقَائِمِ بِهِ، ضَرُورَةَ أَنَّهُ حَصَّلَ مَصْلَحَتَهُ دُونَ غَيْرِهِ، نَعَمْ هُمَا سِيَّانِ فِي الْخُرُوجِ عَنِ الْعُهْدَةِ، لَكِنَّ هَذَا خَرَجَ عَنْهَا بِفِعْلِهِ، وَذَلِكَ خَرَجَ عَنْهَا لِانْتِفَاءِ الْقَابِلِ لِفِعْلِهِ ; لِأَنَّ الْقَائِمَ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ، لَمَّا حَصَّلَ مَصْلَحَتَهُ بِفِعْلِهِ، لَمْ تَبْقَ مَصْلَحَةٌ يَفْعَلُهَا الْآخَرُ ; فَسَقَطَ عَنْهُ التَّكْلِيفُ لِذَلِكَ.
مِثَالُهُ: إِذَا قَامَ جَمَاعَةٌ بِطَرْدِ الْعَدُوِّ ; فَبَقِيَّةُ النَّاسِ لَا يَجِدُونَ عَدُوًّا يَطْرُدُونَهُ، وَإِذَا قَامَ جَمَاعَةٌ بِتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ ; فَغَيْرُهُمْ لَا يَجِدُ مَيِّتًا يُجَهِّزُهُ ; فَالْفَاعِلُ خَرَجَ عَنِ الْعُهْدَةِ بِحُصُولِ الْمَصْلَحَةِ بِفِعْلِهِ، وَالتَّارِكُ خَرَجَ عَنْهَا لِانْتِفَاءِ الْقَابِلِ لِفِعْلِهِ.
الثَّالِثَةُ: اخْتَلَفُوا أَيُّهُمَا أَفْضَلُ: فَاعِلُ فَرْضِ الْعَيْنِ، أَوْ فَاعِلُ فَرْضِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute