للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فَأَوْجَبَ النَّفِيرَ لِلتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ عَلَى طَائِفَةٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ، وَهُوَ تَكْلِيفٌ لِبَعْضٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَهُوَ يَنْفِي قَوْلَكُمْ: إِنَّ ذَلِكَ لَا يُعْقَلُ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ هُوَ الْإِيجَابُ عَلَى بَعْضٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ لَا عَلَى الْجَمِيعِ، وَيَسْقُطُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ.

قَوْلُهُ: «قُلْنَا» إِلَى آخِرِهِ، أَيْ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} إِيجَابٌ عَلَى بَعْضٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، بَلْ هُوَ إِيجَابٌ عَلَى الْجَمِيعِ بِدَلِيلِ مَا قَبْلَ الْآيَةِ وَبَعْدَهَا، مِنَ الْخِطَابِ الْعَامِّ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} مَحْمُولٌ عَلَى الْبَعْضِ الْمُنْتَدَبِ، لِإِسْقَاطِ الْفَرْضِ عَنِ الْجَمِيعِ، كَأَنَّهُ قَالَ: قَدْ أَوْجَبْنَا النَّفِيرَ لِلتَّفَقُّهِ وَالْإِنْذَارِ عَلَى جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ، لَكِنَّ جَمِيعَهُمْ لَا يُمْكِنُهُمُ النَّفِيرُ لِذَلِكَ، وَلَا هُمْ مُضْطَرُّونَ إِلَيْهِ، لِقِيَامِ الْبَعْضِ بِمَصْلَحَتِهِ الْمَطْلُوبَةِ مِنْهُ ; فَلْيُنْتَدَبْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ لِإِسْقَاطِ الْوَاجِبِ عَنِ الْكُلِّ فَلْيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ، وَيَعْلَمُوا حُدُودَهُ وَمَعَالِمَهُ، ثُمَّ لْيَرْجِعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ ; فَلْيُنْذِرُوهُمْ عَذَابَ اللَّهِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، وَيُعَلِّمُوهُمْ مَا يَنْبَغِي لَهُمْ تَعَلُّمُهُ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ.

- قَوْلُهُ: «جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ» ، أَيْ: حَمَلْنَا هَذِهِ الْأَدِلَّةَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ، وَذَلِكَ أَنَّا قَدْ قَرَّرْنَا أَنَّ تَكْلِيفَ بَعْضٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ لَا يُعْقَلُ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ تَفْوِيتُ الْمَأْمُورِ بِهِ أَصْلًا وَرَأْسًا، وَالْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ ظَاهِرَةٌ فِي صِحَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>