. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَأَمَّا عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ فِي خُرُوجِ الْجَمِيعِ عَنْ عُهْدَةِ تَرْكِ الْحَرَامِ بِفِعْلِ الْبَعْضِ ; فَلِأَنَّ الْحَرَامَ لَا فَرْضَ كِفَايَةٍ فِيهِ، لِمَا ذَكَرْنَاهُ عِنْدَ حَدِّ الْحَرَامِ مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا.
- قَوْلُهُ: «وَتَكْلِيفُ وَاحِدٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ لَا يُعْقَلُ، بِخِلَافِ التَّكْلِيفِ بِهِ» . هَذَا جَوَابُ إِلْزَامٍ مِنْ جِهَةِ الْخَصْمِ. وَتَقْرِيرُهُ أَنْ يُقَالَ: لِمَ لَمْ تَقُولُوا: إِنَّ الْمُكَلَّفَ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ بَعْضٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ مِنَ الْمُكَلَّفِينَ، كَمَا قُلْتُمْ: إِنَّ الْمُكَلَّفَ بِهِ فِي الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ بَعْضٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، كَإِحْدَى خِصَالِ الْكَفَّارَةِ، فَإِنَّ الْمُكَلَّفَ وَالْمُكَلَّفَ بِهِ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ التَّكْلِيفِ ; فَكَمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا بَعْضًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ ; يَنْبَغِي أَنْ يُجَوَّزَ فِي الْآخَرِ، وَلَا يُرْتَكَبُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الِاسْتِبْعَادِ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ عَلَى قَوْلِكُمْ.
وَالْجَوَابُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْفَرْقِ، وَهُوَ أَنَّ تَكْلِيفَ وَاحِدٍ، أَوْ بَعْضٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَقَوْلِهِ: أَوْجَبْتُ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ، غَيْرُ مَعْقُولٍ، بِخِلَافِ التَّكْلِيفِ بِبَعْضٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، نَحْوَ: أَوْجَبْتُ أَحَدَ هَذِهِ الْخِصَالِ.
وَوَجْهُ تَأْثِيرِ هَذَا الْفَرْقِ: أَنَّ الْأَوَّلَ يُفْضِي إِلَى تَعْطِيلِ الْمَأْمُورِ بِهِ بِالْكُلِّيَّةِ لِلتَّوَاكُلِ، وَالثَّانِي لَا يُفْضِي إِلَيْهِ. وَقَدْ سَبَقَ تَقْرِيرُ هَذَا عِنْدَ ذِكْرِ الْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ.
- قَوْلُهُ: «فَإِنْ قِيلَ» : إِلَى آخِرِهِ. هَذَا دَلِيلٌ لِمَانِعِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ، وَمُنِعَ لِامْتِنَاعِ تَكْلِيفِ بَعْضٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ. فَتَقْرِيرُهُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُم} ْ [التَّوْبَةِ: ١٢٢] ، الْآيَةَ ;
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute