للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَامِسُ: التَّقْسِيمُ: وَمَحَلُّهُ قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ لِأَنَّهُ مَنْعٌ، وَهُوَ تَسْلِيمٌ، وَهُوَ مَقْبُولٌ بَعْدَ الْمَنْعِ، بِخِلَافِ الْعَكْسِ، وَهُوَ حَصْرُ الْمُعْتَرِضِ مَدَارِكَ مَا ادَّعَاهُ الْمُسْتَدِلُّ عِلَّةً وَإِلْغَاءُ جَمِيعِهَا، وَشَرْطُهُ صِحَّةُ انْقِسَامِ مَا ذَكَرَهُ الْمُسْتَدِلُّ إِلَى مَمْنُوعٍ وَمُسَلَّمٍ، وَإِلَّا كَانَ مُكَابَرَةً، وَحَصْرُهُ لِجَمِيعِ الْأَقْسَامِ، وَإِلَّا جَازَ أَنْ يَنْهَضَ الْخَارِجُ عَنْهَا بِغَرَضِ الْمُسْتَدِلِّ وَمُطَابَقَتِهِ لِمَا ذَكَرَهُ، فَلَوْ زَادَ عَلَيْهِ؛ لَكَانَ مُنَاظِرًا لِنَفْسِهِ لَا لِلْمُسْتَدِلِّ.

وَطَرِيقُ صِيَانَةِ التَّقْسِيمِ أَنْ يَقُولَ الْمُعْتَرِضُ لِلْمُسْتَدِلِّ: إِنْ عَنَيْتَ بِمَا ذَكَرْتَ كَذَا وَكَذَا، فَهُوَ مُحْتَمَلٌ مُسَلَّمٌ، وَالْمُطَالَبَةُ مُتَوَجِّهَةٌ، وَإِنْ عَنَيْتَ غَيْرَهُ، فَهُوَ مُمْتَنِعٌ مَمْنُوعٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ــ

السُّؤَالُ «الْخَامِسُ: التَّقْسِيمُ» ، وَقَدْ ذُكِرَ مَعْنَاهُ بَعْدُ.

قَوْلُهُ: «وَمَحَلُّهُ» ، أَيْ: وَمَحَلُّ سُؤَالِ التَّقْسِيمِ، وَمَوْضِعُهُ مِنَ الْأَسْئِلَةِ «قَبْلَ» سُؤَالِ «الْمُطَالَبَةِ» ، وَهُوَ طَلَبُ الدَّلِيلِ عَلَى كَوْنِ الْوَصْفِ عِلَّةً كَمَا سَبَقَ.

وَإِنَّمَا قُلْنَا: مَحَلُّهُ قَبْلَ سُؤَالِ الْمُطَالَبَةِ؛ «لِأَنَّهُ» - يَعْنِي سُؤَالَ التَّقْسِيمِ - «مَنْعٌ» لِوُجُودِ الْعِلَّةِ كَمَا ذُكِرَ بَعْدُ «وَهُوَ» - يَعْنِي الْمُطَالَبَةَ - «تَسْلِيمٌ» ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُعْتَرِضِ: مَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْوَصْفَ الَّذِي ذَكَرْتَهُ، هُوَ عِلَّةُ الْحُكْمِ الَّذِي ادَّعَيْتَهُ؟ يَتَضَمَّنُ تَسْلِيمَ وُجُودِ الْوَصْفِ الْمَذْكُورِ. وَإِذَا كَانَ التَّقْسِيمُ مَنْعًا لِلْعِلَّةِ، وَالْمُطَالَبَةُ تَتَضَمَّنُ تَسْلِيمَهَا، فَالتَّسْلِيمُ «مَقْبُولٌ بَعْدَ الْمَنْعِ، بِخِلَافِ

<<  <  ج: ص:  >  >>